أمريكا ولحظة الحقيقة‏ ..!

يونس خلف

أمين السر العام لاتحاد الصحفيين السوريين

كل رؤوساء الولايات المتحدة الأميركية يعتقدون انهم يتحدثون بلغة الحقيقة ويتوهمون أن من يسمعهم يُصدق ما يقولونه بدءاً من الرئيس بوش عندما كان  يتحدث عن لحظة الحقيقة قبل اندلاع الحرب‏ على العراق وكان يعني بذلك تلك اللحظة التي تنكشف فيها المواقف عند اللحظة الحاسمة‏ وتكف الأطراف عن جهودها الدبلوماسية في مجلس الأمن‏ وينتقل العمل إلى ميادين القتال‏ … وحدث ما حدث بذريعة أسلحة الدمار الشامل  إلا أن لحظة الحقيقة سرعان ما كشفت نوايا ودوافع وأطماع الاستهداف التي كانت كلها في مكان  آخر غير الذريعة المزعومة . اليوم ايضاً نلاحظ  ومنذ بداية الحرب العدوانية على سورية أن الإدارة الأميركية استعجلت وأخطأت في تقدير لحظة الحقيقة ظناً منها أنها ستكون حرباً خاطفة قصيرة المدى  وتخرج بعدها منتصرة لتفرض الأوضاع التي تريدها كما فرضتها على العراق‏ ومن ثم على كل  الدول التي  تخالف أوامرها .الآن أصبح يتعين على بايدن  أن يواجه هو لحظة الحقيقة‏ ويدرك أن من سبقه قد أخطأ خطأ جسيما في الحساب‏  فلاهي حرب خاطفة . ولا إدارة الحرب هي التي انتصرت رغم كل تحالفات التآمر من الدول الاستعمارية ، وعلى الرغم أيضاً من استخدام كل الأدوات المرتهنة وكل التمويل بالمال والسلاح  من المرتهنين ، ولذلك لم يكن مستغرباً أن يعترف الرئيس الاميركي السابق ترامب بالمأزق الذي واجهه ليقول أكثر من مرة في مؤتمراته وخطاباته :  من أين سيتم الإنفاق على الحرب لو طالت وزادت خسائرها ؟ وكيف يواجه  أزمة الغذاء والمساعدات والإمدادات اللازمة لإطعام وعلاج الملايين الذين دهستهم عجلة الدمار والخراب الذي سببته النيران الأمريكية والاستعمارية ؟ لم يترك ترامب باباً إلا واتجه للبحث عن مفاتيحه فكان ساعياً حتى لوحدة الصف الأوروبي ليس من اجل عيون ميركل أو لخدمة الدول الأوروبية وإنما على قاعدة إذا كانت بعض دول أوروبا لم تشترك  في جهود الحرب فبوسعها أن تشترك في تقديم المساعدات وكل أشكال الدعم ولو في الخفاء ، ولكن المشكلة هي أن الإدارة الأمريكية تريد  أن تعمل كل دول العالم وبما فيها الاوروبية و الأمم المتحدة  تحت إمرة القيادة الأمريكية في كل المجالات‏  وهو ماترفضه الدول التي  ترى أن ذلك  يمس و ينتهك  شرعية دولها ، إضافة إلى أن  العالم كله أصبح يدرك أن الإدارة الأميركية تقود الحروب العدوانية بينما العالم يدفع الثمن ، لكن يبدو أن كل الإدارات الأميركية المتعاقبة لا حول ولا قوة لها حتى لجهة الإستفادة من دروس التاريخ لأن اصل الحكاية ليس في الإدارات وإنما في السياسات الأميريكية الاستعمارية المبنية على الإعتداء على الدول وانتهاك سيادتها ونهب ثرواتها ، ولذلك لا يستوي النفاق مع الوصول إلى لحظة الحقيقة التي تبقى على مسافة بعيدة عن الإدارات الأميركية رغم كل أشكال الاستثمار والتطبيل من أكبر الإمبراطوريات الإعلامية .