مرفأ غزة  والقطب المخفية ؟. 

الدكتور حيان سلمان

قالت العرب عبارة ( دسّ السمّ في العسل) تذكرت هذا المثل عندما تابعت المشروع الأمريكي بالتوجه لإقامة مرفأ عائم في بحر غزة ، وأعلن الرئيس الأمريكي ( جو بايدن) بتاريخ 8/3/2024 ذلك وأنه سيتم تنفيذ المشروع خلال /60/ يوما ، علما انه تم الإشارة إلى هذا المشروع سنة /1993/ باتفاقية ( أوسلو ) ، لكن تم التراجع عنه سنة /2000/ بعد الانتفاضة الفلسطينية ، وللإسراع في تنفيذ المشروع قامت القيادة المركزية الأمريكية  ( سنتكوم ) وبعد /36/ ساعة من تصريح ( بايدن ) بتكليف سفن للتوجه إلى البحر الأبيض المتوسط لتنفيذ ذلك ؟!،ومعروف  أن ( أمريكا ) هي التي ترسل الأموال والطائرات والدعم المادي واللوجستي لقتل أهل غزة المحاصرين منذ /17/ سنة ، واستخدمت الإدارة الامريكية حق ( الاعتراض Veto  ) في مجلس الامن /3/ مرات  ضد مشروع توقيف الإبادة في غزة !، ويتضامن معها الاتحاد الأوروبي على حد تصريح رئيسة المفوضية الأوروبية (أو رسولا فون دير لاين)،  ، وبرأينا كما قالت ( ماريا زاخاروفا ) الناطقة باسم الخارجية الروسية بأن ( هذا المشروع  رقص على عظام وجثث الفلسطينيين)،   لأنه عندما يموت المدنيون نحتاج للحديث عن مصائرهم وليس عن مشاريع وهمية مستقبلية ) ، ويضاف إلى هذا أن إدارة نيرون العصر ( ناتنياهو ) وداعميه رفضوا مناشدات الأمم المتحدة بتوصيل المساعدات الى غزة ؟!، أسئلة وأسئلة كثيرة عن رغبة الغرب في إنشاء هذا المرفأ العائم المؤقت على مساحة /800/ م2 ويبعد عن شاطئ غزة /600/ م ،وهذه الأسئلة توضحها مصلحة قوى الشر العالمية وخاصة أن ( ناتنياهو ) هو صاحب الفكرة وتحديدا وقد طرحها مع بايدن  بتاريخ 22/10/2023  أي بعد /2/ أسبوع من العدوان البربري على غزة2023،فهل استيقظت المشاعر  الإنسانية عند من قتل ودمر وقطع الهواء والماء والدواء وسرق حتى المقابر والأعضاء البشرية وتجاوز في إجرامه الفاشية والنازية؟، أم هناك مصالح مخفية وغايات مستهدفة وهي عبارة عن ( قطب مخفية ) فأين تكمن هذه القطب او المصالح ؟ والدليل ان مايسمى وزير الأمن الإسرائيلي (يواف غالانت) قام بجولة بحرية قبالة شاطئ غزة وقال أنه جاء للاطلاع على سير المشروع (الذي لم يبدأ أصلا)، كما دعا إلى هذا المشروع و زير خارجية إسرائيل ( يسرائيل كا تس) خلال اجتماع وزراء خارجية الدول الأوروبية في ( بروكسل)  في شهر كانون الثاني الماضي. وتتجسد هذه القطب بأهداف صهيونية معلنة من خلال عدة مؤشرات ، و نذكر منها [ أن تفتيش السفن الواردة والمغادرة سيتم من قبل قوى الامن الصهيونية ( الشاباك ) وهذا الجهاز يحدد نوع السفن وحمولتها وعددها ومسارها من قبرص إلى غزة – إبعاد الفلسطينيين و حركة حماس و منظمة غوث اللاجئين «الأونروا»  من الاشراف على عمليات الإغاثة وهذا يساعد إسرائيل لاحقا  في التخلص من كليهما – تسخير هذا المرفأ لتحقيق المصالح الصهيونية من انسياب السلع والخدمات وهذا ينعكس إيجابا على الاقتصاد الصهيوني –  زيادة  الضغوط على غزة من خلال استمرار السيطرة على المنافذ البريّة مثل معبر رفح وكرم أبو سالم والمنطار والشجاعية وبيت حانون وغيرها – التحكم بإيصال المساعدات وخاصة أن إسرائيل تصنف هذه المنطقة منطقة اشتباك – إعادة شيء من سمعتها الاخلاقية التي انهارت – فصل شمال غزة عن جنوبها وتفعيل مشروع الطريق العريض الذي يشقه الجيش الإسرائيلي من جنوب شرق غزة باتجاه البحر( مشروع حي الزيتون) – التمهيد لدور امريكي أكبر في البحر الأبيض المتوسط بعد الحرب لمواجهة التمدد الروسي الصيني الإيراني والسيطرة على النفط والغاز المكتشف فيه – توجه الإدارة الديمقراطية الامريكية الحالية لامتصاص غضب  الناخبين من العرب والمسلمين والمتعاطفين مع غزة  وكسب أصواتهم وقطع الطريق على الحزب الجمهوري ممثلا بالرئيس السابق ( دونالد ترامب ) والذي تشير الكثير من الاستطلاعات إلى إمكانية تفوقه على بايدن – تحسين صورة الكيان الصهيوني امام الراي العالمي  بالادعاء بأنه لا يحاصر غزة – إن فتح هذا المرفأ يعني إغلاق معبر رفح البري الذي تدعي اسرائيل أنه يستخدم لتامين الأسلحة وغيرها للمقاومة ، ولم تستطع إسرائيل السيطرة عليه بشكل كامل- تقويض حركة المقاومة  كما قال ( غالانت ) من خلال الإيحاء بضرورة الاعتماد على جهات أخرى لتامين المساعدات – التخفيف  من الانتقادات الموجهة للكيان وبالتالي منحه المزيد من الوقت للمضي في حرب الإبادة- فتح الباب أمام الهجرة والترحيل من غزة إلى قبرص ومنها إلى دول أخرى ] وهذا جزء من القطب المخفية وغير المخفية عند أمريكا والغرب وإسرائيل . 

دمشق 15/3/2024