الغزو التركي لليبيا والموقف العربي المطلوب

التحدي التركي للدول العربية بلغ مرحلة متقدمة جداً. الرئيس التركي أردوغان يتجرأ على العرب ويتحدى الدول العربية ويشن العدوان تلو العدوان من دون أن يقيم وزناً أو اعتباراً لأحد.

اليوم يكرّر أردوغان في ليبيا الدور الخطير الذي لعبته تركيا في سوريا وتسبّب بتمدد الحرب الأهلية وما نجم عن ذلك من ويلات طالت كل السوريين، ليؤكد مضي بلاده في نهجها كدولة مارقة راعية للإرهاب، هدفها فرض هيمنتها والاستئثار بحصة كبيرة من ثروات المنطقة على حساب استقرار البلدان العربية ومصالح شعوبها.

لعل أكبر العوامل التي شجعت أردوغان على ما يمارسه من عدوان وغزو للأراضي العربية، هو أن الدول العربية لم تفعل أي شيء جدي لردعه.

القضية ليست فقط هذا العدوان التركي على دول عربية بكل ما يترتب على ذلك من تهديد للأمن القومي العربي ونهب لثروات العرب، ولكن أيضا الطريقة التي يتعامل بها أردوغان مع الدول العربية. يتحدث عن العرب والدول العربية بمنتهى الاستخفاف والعنصرية والعنجهية، وقد وصل به الأمر مثلاً وهو يتحدث عن خططه في غزوه العسكري لليبيا أن يقول وبمنتهى الصفاقة إن موقف جامعة الدول العربية لا يهمه ولا يعنيه في شيء.

كل ذلك يؤكد أن أردوغان يمتلك حساً ثأرياً وعدائياً تجاه العرب، يغلّفه باستعادة مناطق النفوذ العثمانية في سوريا والعراق وليبيا والجزيرة العربية.

لعل أكبر العوامل التي شجعت أردوغان على ما يمارسه من عدوان وغزو للأراضي العربية، هو أن الدول العربية لم تفعل أي شيء جدي لردعه وإيقافه عند حده ودفعه إلى إيقاف عدوانه وتجرئه على العرب بهذا الشكل.

حتى حين عقدت الجامعة العربية اجتماعاً طارئاً بناء على دعوة مصر لمناقشة التدخل العسكري التركي في ليبيا، اكتفى البيان الذي صدر بإدانة عامة جداً للتدخلات الأجنبية في الشؤون الليبية ودعا إلى محاربة الإرهاب، كان أمراً غريباً أن البيان لم يذكر تركيا بالاسم ولم يدن مباشرة ما يفعله أردوغان بإرسال عناصر من القاعدة وداعش إلى طرابلس هذا غير الجسر الجوي والبحري الذي ينقل الأسلحة بشكل شبه يومي إلى ليبيا.

للأسف طالما تكتفي الدول العربية في أحسن الأحوال بإصدار البيانات التي تنتقد وتندد بالتهديد التركي للأمن العربي، لنا أن نتوقع استباحة دائمة للأراضي العربية من تركيا وغيرها من الدول والقوى المعادية والطامعة في أوطاننا.

مصر؛ بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، قدّمت خطة سياسية تتضمن وقف القتال، وجمع كلمة الليبيين، وخروج كل القوات الأجنبية من ليبيا، ولكن أردوغان ومليشياته في حكومة الوفاق رفضوا “إعلان القاهرة”، وذلك متوقع لأن أي حل سلمي حقيقي ودائم سيقضي على أحلام تركيا العثمانية.

تستطيع الدول العربية، وأعني هنا دول الاعتدال منها وليست تلك التي أصبحت أداة لتحقيق حلم الخلافة العثماني، أن توقف أردوغان عند حدّه وتردع عدوانه لو أنها مثلا هدّدت بقطع العلاقات مع تركيا، ولو أنها قررت إرسال قوات عربية إلى ليبيا لمحاربة الإرهاب ووقف الغزو التركي.

يحيى التليدي – العين الإخبارية

المقال يعبر عن رأي الكاتب