والكفاح سوف يستمر مهما طال زمن المنافقين

بقلم الدكتور  إسماعيل مكارم  محاولة

للإجابة على سؤال  / ما الذي يجمع داعش والنازيين الجدد في أوكرانيا مع الصهاينة في جيش نجمة داوود الصهيوني؟/ عندما نضجت فكرة الحرب الهجينة وتجنيد المرتزقة كي يقاتلوا لتنفيذ  مشاريع القوى الغربية، هذه المشاريع الجيوسياسية، نضجت في ذهن مفكري الأوساط الغربية – فكرة تجنيد أبناء شعوب البلدان المراد تخريبها وتجزئتها بغرض تسهيل عملية السيطرة على مقدراتها، وجعل أبناء تلك الشعوب مرتبطين لزمن طويل مع مصالح الغرب.. والفكرة ليست جديدة، هذا هو نابليون في بداية القرن التاسع عشر جعل نصف جيوشه من ابناء الشعوب الأوروبية، التي خضعت لجيشه، عندما غزت جيوش نابليون أراضي روسيا عام 1812 كان نصف جنوده من أبناء الشعوب الأوروبية، والنصف الثاني من الفرنسيين. غير أن المفكرين الغربيين الجدد أرادوا إبعاد المسؤولية عن حكوماتهم  و عن قادتهم السياسيين ، لذا رأيناهم قد  نحوا منحى آخر، إذ أنهم أعطوا الحرية في السلوك وفي الأمور العملانية والعقيدة لقيادات هذه التظيمات. ومن جهة أخرى وبغرض الإساءة إلى الإسلام – إلى الدين الحنيف كانت إقتراحات المشرفين، والمدربين، والممولين أن تصبح تلك التنظيمات مرتبطة بالأفكار الإسلاموية وبالتطرف. لذا برزت إلى الوجود تنظيمات مثل (القاعدة) ثم (داعش) ثم (النصرة) و(القعقاع) و(جيش الإسلام)  وغيرها وغيرها. عندما كانت التنظيمات الإرهابية تشغل جزءا من الأراضي السورية في محافظة القنيطرة ودرعا كانت العلاقة بين جيش الإحتلال وعناصر التنظيمات الإرهابية على أحسن حال، حتى أن جيش نجمة داوود كان يقدم الدعم للتنظيمات الإرهابية  حين تقع في حشرة أوضيق، حينها كانت المدفعية الاسرائيلية تقوم بقصف مواقع الجيش العربي السوري. السؤال المطروح هو التالي – لماذا هذه التظيمات الإرهابية التي كانت مستعدة لقتل أي إنسان مسلما كان أو مسيحيا إذا هو رفض قبول تعاليمها الدينية المتطرفة، بينما تم إغماض العين وتجاهل دولة إسرائيل التي حاربت الإسلام والمسلمين منذ أكثر من 75 عاما. بشهادة جنود الأمم المتحدة والمراقبين الدوليين منذ عام 2013 كانت تجري مقابلات بين قادة من التظيمات الإرهابية وضباط في الجيش الصهيوني، بغرض دخول عناصر داعش وغيرها إلى الأراضي السورية المحتلة، والواقعة تحت سيطرة الجيش الصهيوني بغرض الراحة والعلاج، وكذلك بغرض تبادل المعلومات والتنسيق بين الطرفين – قادة داعش وضباط من الجيش الإسرائيلي.  لا شك أن مسألة إثبات وجود تعاون مشترك ونشاط مشترك لعناصر داعش والعناصر الإرهابية من النصرة  وداعش وغيرها  مع ضباط الجيش الصهيوني لا تحتاج إلى عناء وتعب كبيرين. من هنا يمكننا القول أن النخبة في جيش الإحتلال الصهيوني توصلت منذ عام 2011 أي منذ بدء (الربيع العربي) إلى قناعة مبنية على مفهوم وهو التالي : (عدو عدوي – صديق لي). إسرائيل أرادت من خلال تنسيقها مع التنظيمات الإرهابية في سورية والعراق محاربة عدوها الأساسي وهي جمهورية إيران الإسلامية إلى جانب محاربتها ضد الحكم الوطني في سورية ، ومحاربة التنظيمات الفلسطينية، وحزب الله، ومحاربة القوى الوطنية في العراق، إلى جانب العمل على محو قضية الشعب الفلسطيني وحقوقه. أما الأساليب التي اتبعتها داعش، والنازيون الجدد في أوكرانيا، وجيش الإحتلال الصهيوني تجاه السكان من المدنيين: نساء وأطفال وشيوخ فهي تكاد تكون واحدة. عناصر داعش وعناصر النازيين الجدد في أوكرانيا هذه العناصر كانت تختبئ وراء المدنيين ولا تسمح للمدنيين بالخروج من الكاريدورات الآمنة. أثناء المعارك. من جهة أخرى عناصر داعش والنازيون الجدد قصفوا الأسواق وسيارات الإسعاف والمشافي والصيدليات وحتى مخازن المواد التموينية والحبوب وصولا إلى مصانع الأدوية. عندما قامت التنظيمات الإرهابية في قصف مصانع الأدوية في غوطة دمشق رافقت ذلك صيحات التكبير. إرهابيو مناطق الشمال دمروا المشفى الجامعي في حلب لعلاج الأمراض السرطانية، ولم يوفروا حتى السجن، حيث يقبع المساجين، أما المدارس فقد تم فعل السيطرة على آلاف المدارس ،وتم تحويلها إلى مقرات لقوى الإرهاب، وأوكار للعناصر الإرهابية، أما المكتبات فقد تم حرقها. النازيون الجدد في أوكرانيا هاجموا الأسواق، ودمروا البيوت، والجامعات، والساحات العامة، والمدارس، وحتى رياض الأطفال والسدود على الأنهار، ولم يوفرروا جهدا لتدمير محطة زاباروجيا النووية، وقد بقيت سليمة فقط بفضل الحراسة من قبل القوات الروسية. أما  سلوك جيش صهيون فحدث ولا حرج هؤلاء غلبوا داعش والنصرة في سلوكهم البربري وهمجيتهم  وترافق ذلك مع البرابغندا والنفاق الأسود. في الثامن من أكتوبر قامت أبواق الدعاية والبربغندا الأمريكية بالتشارك مع الصهاينة بنشر أفلام (فايك) أفلام الكذب والنفاق عن أن رجال المقاومة قطعوا رؤوس الأطفال وغيره وغيره…. من الإدعاء المنافق. وعند خروج المدنيين من المجتمع الصهيوني، عند خروجهم من الحجز قالوا أن طائرات الأباتشي هي التي قصفت مكان الشباب المحتفلين في غلاف غزة، وهي التي قصفت البيوت – بيوت اليهود كي تدَمّر على من فيها. عندما تذهب قيادة الجيش الصهيوني إلى سياسة الأرض المحروقة، وتقوم بتدمير المدن في القطاع حيا بعد حي، ومربعا بعد مربع، وبناية بعد بناية، وشارعا وراء شارع، وعندما تصبح أطنان القنابل المرمية على رؤوس الفلسطينيين العزل أكبر من تلك القنابل التي نزلت على رؤوس البشر في  (هيروشيما) و(نا غازاكي) يفهم من ذلك أن الصهاينة يتقنون القتل وليس القتال، ويفهم أيضا أن هذه هي سياسة الإبادة الجماعية، والغرض من ذلك تهجير سكان القطاع ، أو إبادتهم جميعا، وهنا تتبادر إلى الذهن نظرية النازيين الألمان في العقاب الجماعي، هذا العقا ب، الذي أشتكت منه الأدبيات اليهودية خلال أكثر من ثمانين عاما. ألا يحق للمراقب اليوم القول أن ما يجري في قطاع غزة وفي الضفة الغربية على يد قادة الصهاينة إنما هو هولوكوست جديد، ولكن هذه المرة ضد الفلسطينيين. إنه النفاق الذي حذرت منه تعاليم الديانات السماوية كلها − وهو أن تشتكي من أمر وتقوم بفعل يماثله. لا غرابة في الأمر فإن المعلم لدى الأطراف الثلاثة داعش والنازيين الجدد والصهاينة هي الأواساط الغربية الحاكمة وخاصة الأمريكان، إذ لا تزال تعيش في ذهن الأمريكان والبريطانيين ذكرى هيروشيما وناغازاكي وذكرى مدينة دريزدن. البريطانيون والأمريكان لديهم قناعة أن القمع يولد الطاعة، أي أنّ قمع الشعوب يجعلها ترضخ. ولكن رأينا نحن – أن ذلك لا يجدي بل سيولد الكفاح ، إن الكفاح سوف يستمر مهما تطاولت أيادي الغدر ، ومهما طال زمن المنافقين. ويبقى السؤال – ماذا قدمت أنت أيها الأخ العربي لنصرة الفلسطينيين؟  ***

إسماعيل مكارم أكاديمي سوري.