ومضة

ومضة:

سيادة البلد؛
تحية وبعد ..
هذه المرة الأولى التي أقوم فيها بمراسلتك .. أعذرني على تجاهلك طيلة السنوات الماضية ..
لكن خيّل لي أن الكلام لا ينفع ….
خشيت أن أكتب لك يوماً وأعتقد لوهلة أن لقلمي قدرة على تغيير هذه الحياة ..
خشيت أن أكون ساذج لهذا الحد بهذا التفكير.

اليوم في العاصمة دمشق …… أيام رمضان الخير والبركة هي التي نعيشها ولكنها ايام تكاد تخلو من الفرح والبهجة التي اعتدناها .

ربطة الخبز تتشاركها عائلتين او اكثر .. الأمهات تستخدم بودرة ” الماجي ” كبديل للدجاج واللحوم اما الاسماك فاصبحت من المنسيات ..

الأباء يشترون الطماطم والبطاطا والخيار والباذنجان بالحبة واما عن خضراوات الفتوش التي نشتهر بها كسوريين اصبح تحتاج العائلة لميزانية مؤسسات لتامنها والاولاد يشتهون كل شيء …

معروك رمضان الذي لا يكاد يخلو اي بيت منه في ايام رمضان لم يستطع احد شرائه بسبب تجاوز سعر القطعه ٥٠٠٠ ليرة ومشروبات رمضان التي تروي الضمآن وتبل العروق لا تتواجد غير بشكل خجول في الاسواق …
وانا من سكان سوق الجزماتيه الميداني كنا از احتجنا اشياء من السوق نذهب لتأمينها منذ الصباح الباكر رغم قربه مني بسبب العجقة التي تحصل منذ ساعات الظهر حتى موعد الافطار على عكس هذه الايام التي لا اكاد ارى اشخاصا يتسوقون ولا اشخاص يتمشون …
فهو مقصد للجميع فكم انت حزين يا رمضان الشام وكم نرى من البؤس والحزن في حارات وازقة الشارع الكئيب ….

كل ما أدريه أنني لو تعلمت كيف أعيش وحيدا او في مكان بعيد دون ان ارى هذه الامور المزعجة والمؤلمة التي ينحني امام صمود اطفالها اكبر القامات كنت سأشعر ولو لوهلة ببعض الأمان وبعض الطمأنينة ولكن لم اتعلم غير ان اكون موجوع لجوع غيري وحاجة جاري ومرض قريبي.

اليوم كان الجميع يهمس في رأسي ” غلي البنزين .. غلي الغاز ..غلي المازوت… غلي الخس ب ٤٠٠٠….
غلي الجُرز ب ١٠٠٠ ….لتر الزيت ب ٢٠٠٠٠ .. “
ودخول للدكتور او للمشفى از صار وأمنت تكاليف الدخول فانك تكون هربت من ملك الموت بارادة الله
طبعا ولكنك كن على ثقة لن تهرب من خطأ طبي يودي بحياتك دون اكتراث او اهتمام…
لكنني كنت اسمع وطنش..
وماذا عساي افعل.

لم أكتبُ إليك للآن ؟؟ ..
لأنني على ما يبدو يا سيادة البلد ..
أشعر ” بالتمسحة ” .. بعد هذا اليوم ..
الذي لو مرّ فيه إنسان طبيعي .. كان قد أحس بالخزي .. أو ذرف دمعة .. في أضعف الأحوال كان قد أطلق شتيمة ما ..

لم يذكرني ما مريت به من احداث سوى بكتاب عنوانه لم أفهمه إلّا اليوم ..
” حيونة الإنسان لممدوح عدوان “

” كيف أقولها ؟! .. أعتقد أنني أنا .. أصبحت حيواناً .. ! “

الاعلامي فداءعطاالله