قيمة مضافة لانتصار الدبلوماسية على الحروب !


يونس خلف
لم يعد الأمر مجرد أمنيات وتوقعات فالبيان السعودي الصيني الإيراني كشف بوضوح الاتفاق على استئناف العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وطهران وأن الاتفاق يشمل إعادة فتح سفارتي الرياض وطهران خلال مدة أقصاها شهران وإن الرياض وطهران اتفقتا على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية و المباحثات جرت وفق اتفاق بين قيادتي السعودية وإيران مع الرئيس الصيني وإن المباحثات جاءت رغبة من طهران والرياض في حل الخلافات بالحوار والدبلوماسية ، وأكثر من ذلك وزيرا خارجية البلدين سيجتمعان لترتيب تبادل السفراء ومناقشة سبل تعزيز العلاقات .
لذلك لا جدوى من الانشغال بمدى صحة أو جدية ما هو متداول من أخبار حول ذلك . دعونا ننتقل إلى أبعاد ودلالات ذلك . ونتأمل لماذا وكيف حدث ذلك .؟
المسألة الجوهرية هنا هي النظر إلى نوع آخر من الانتصارات غير التي تحصل في الحروب وهذا يعزز فينا كبشر كثير من القيم والثقة عندما لا نتصور أن يكون صوت الحرب أعلى من صوت العقل والدبلوماسية في الازمات الكبيرة والمعقدة والمركبة .
وإلا لماذا وجدت الدبلوماسية وما دورها في معالجة كافة الشؤون بين مختلف الدول و التوفيق بين المصالح المتعارضة ووجهات النظر المتباينة وحل المشكلات وتسوية الخلافات وصولا إلى تدعيم السلم وتجنب الحرب .
لقد قيل الكثير بالدبلوماسية ومدى قدرتها على تسوية النزاعات بين الدول لكن لطالما ترسخت في أذهاننا مقولة أن انتصار الدبلوماسية لا يتحقق إلا بعد نصر وهزيمة . والامثلة كثيرة أقربها انتصار سورية في مواجهة الحرب العدوانية وهزيمة إدارة المشروع الإرهابي الذي تتزعمه الولايات المتحدة الأميركية.
وبالعودة إلى التقارب الإيراني السعودي بعد قطع العلاقات بينهما منذ عام ٢٠١٦ فإن هذا النوع من التقارب هو انتصار للدبلوماسية ويكتسب قيمة مضافة أكثر من أي انتصار في الحروب لأنه يحقن الدماء ويمتد إلى أبعد من حدود وجغرافية البلدين ويسهم في تحقيق الاستقرار في المنطقة ولذلك هو انتصار مضاعف لأن الجميع يربح ولا احد يخسر .
ولذلك جاء بيان وزارة الخارجية والمغتربين في سورية مرحبا بالاتفاق الذي تم التوصل إليه بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية لاستئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين الجارين وعبرت سورية مباشرة عن تقديرها للجهود المخلصة التي قامت بها القيادة الصينية في هذا المجال على قاعدة إن هذه الخطوة المهمة ستقود إلى تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة وإلى التعاون الذي سينعكس إيجابياً على المصالح المشتركة لشعبي البلدين خاصة ولشعوب المنطقة عامة. وليس بجديد على سورية أن تؤكد بهذه المناسبة عبر بيان وزارة الخارجية عن تمنياتها باستمرار هذه الجهود لتشمل العلاقات بين دولنا العربية وأصدقائنا لمواجهة التحديات الكبرى التي نواجهها في عالم اليوم.