وأخيرا.. الأنغلوساكسون يعلنون الحرب على روسيا

وأخيرا.. الأنغلوساكسون يعلنون الحرب على روسيا
وأخيرا.. الأنغلوساكسون يعلنون الحرب على روسيا

لقد أدى مقتل رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، رفيق الحريري، إلى إخراج سوريا من لبنان. ولا معنى للسؤال عمّن استفاد من واقعة الاغتيال هذه، ولكن من الواضح أن هذا الاستفزاز تم ببراعة.

كذلك أتذكر كيف توفي الزعيم الفلسطيني، ياسر عرفات، بشكل مؤلم وبدت أعراضه مثل التسمم. مرة أخرى، يطرح السؤال نفسه:

من المستفيد؟…

لذلك يطرح السؤال نفسه فيما يخص تسميم زعيم المعارضة الروسية، أليكسي نافالني: من المستفيد؟

لقد أصبح سؤال ما إذا كانت واقعة التسميم حقيقية أم لا، مسألة إيمان لا نتائج. فالسياسة العالمية الراهنة تمر بمرحلة التهاب حاد، وأصاب داء التطرف أغلبية البشر، ولم يعد أحد ينتظر الأدلة والبراهين لتكوين وجهة النظر، بل تكفي المشاعر فحسب. الكارهون لروسيا يؤمنون بالرواية الغربية للأحداث، والعكس بالعكس.

لكن الحكومات عبارة عن هياكل لا يمكن أن تسترشد بالعواطف، وعليه يعاود السؤال طرح نفسه: لماذا شعرت الحكومات الغربية فجأة بحماسة شديدة وبدأت في الحديث عن توحيد الغرب ضد روسيا، بسبب مقتل مواطن روسي على أراض روسية، حتى على فرض أن واقعة التسمم حقيقية؟ ما سبب الحديث عن العقوبات المشتركة وغيرها؟ ما الذي يربط الغرب بهذه الواقعة؟ وما مدى استغلال الغرب لها كذريعة، ومن المهتم بذلك؟

كانت المهمة الرئيسية لإنجلترا في القارة الأوروبية، كما نتذكر من تاريخ العالم، هي منع اتحاد ألمانيا وروسيا. وقد نجحت في ذلك في عدد من المرات، بما في ذلك أثناء الحربين العالميتين. ونذكر كيف دفعت بريطانيا هتلر شرقا، وقدمت له تشيكوسلوفاكيا أولا (رسميا، وفقا لمؤامرة ميونخ عام 1938)، ثم بولندا.

الآن يحكم الأنغلوساكسون العالم، وأخذت الولايات المتحدة الأمريكية على عاتقها زمام الأمور، لكن لبريطانيا العظمى دورا مهما في ذلك.

مع انهيار هذه القوة العالمية وتبعثر سلطة الولايات المتحدة الأمريكية، تواجه الأخيرة احتمالا حقيقيا لاندلاع حرب أهلية فور الانتهاء من انتخابات الرئاسة الأمريكية في نوفمبر المقبل.

فالولايات المتحدة الأمريكية تنزلق شيئا فشيئا نحو المواجهة مع الصين، والتي يمكن أن تتحول إلى مواجهة عسكرية في مرحلة ما. العلاقات مع روسيا في أدنى مستوياتها فعليا، وإنجلترا هي العنصر الأكثر راديكالية في الجبهة المعادية لروسيا.

أما أوروبا، بكل إمكانياتها الاقتصادية الهائلة، فهي مشلولة، ولا تريد الانجرار إلى الحرب التي يشنها الأنغلوساكسون حفاظا على الهيمنة الأمريكية.

يحتاج الحلفاء إلى حشد المؤيدين، وتعزيز معسكرهم، واستخدام إمكانات أوروبا لأغراضهم الخاصة، ولهذا السبب فهم بحاجة إلى ذريعة تمثل دفعة قوية في هذا الاتجاه، تفقد أوروبا توازنها، وتدفعها في الاتجاه المطلوب. تلك الدفعة يمكن أن تكون أي استفزازات تؤدي إلى تدهور حاد في علاقات أوروبا مع روسيا والصين. من بين هذه الاستفزازات المحتملة على سبيل المثال، دس سم “نوفيتشوك” لأحد السياسيين الأوروبيين، أو الإعلان عن دعم الصين لحراك “السترات الصفراء” في فرنسا. يجب أن يثير ذلك غضب الجميع.

تقول السلطات الروسية أن نافالني حينما غادر البلاد، لم يكن هناك أي أثر للسم في دمه. بل إن مبتكر سم “نوفيتشوك” صرح بأن الأعراض التي بدت على نافالني لا تشبه أعراض التسمم بـ “نوفيتشوك”، كما أنه من الجدير بالذكر هنا أن معامل الولايات المتحدة الأمريكية وإنجلترا نفسها أنتجت “نوفيتشوك”

سيكون من المثير للاهتمام الاستماع للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بينما يسوق حججه في هذا الشأن، إذا ما كان قد “تورط ” فيه، ولكن هل كان من المستحيل حقا دهس نافالني بسيارة قضاء وقدرا؟ أم كان من الصعب اغتياله برصاصة قناص محترف؟ أو حتى بسكين أو بلطة؟ بل قل هل كان من الصعب خطف نافالني وإخفاؤه في مساحة روسيا الشاسعة، أكبر دولة في العالم من حيث المساحة؟

لماذا تلجأ السلطات الروسية لهذا السم بعينه، والذي يرتبط لدى الغرب فقط بالكرملين وعلى نحو لا لبس فيه؟ ولماذا سمحت له بالسفر للعلاج في الغرب؟ ولماذا أنقذ الأطباء الروس نافالني في مدينة أومسك؟ ولماذا لا يزال على قيد الحياة إذا كان الكرملين قد قرر التخلص منه؟ إن كل الظروف المحيطة بهذا “التسمم” تبدو محيرة بالنسبة لي.

باختصار، إذا ما افترضنا حدوث واقعة التسمم بالفعل، فعندئذ يصبح لدينا ثلاث دول في دائرة الاتهام هي روسيا والولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة، على الأقل لمعرفة هذه الدول بهذه التكنولوجيا.

لكن السؤال الرئيسي في رأيي هو من المستفيد من “تسمم” نافالني؟ في الوقت نفسه، وكما في واقعة اغتيال الحريري سيتكبد المتهم أكبر الخسائر، بينما يحصل من يتهمه على أكبر المكاسب.

على أية حال، يمكن أن يكون لهذا الحدث تداعيات بعيدة المدى، مثل “طلقة ساراييفو” عام 1914 التي قتلت الأرشيدوق فرانز فيرديناند، وريث إمبراطور النمسا، وكانت سببا في اندلاع الحرب العالمية الأولى.

المحلل السياسي/ ألكسندر نازاروف

المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب