بالأرقام أسعار النفط بين(أوبك ونوبك ) والحرب الجديدة  ؟!.

أ.د : حيان احمد سلمان.

تتعرض أسواق النفط العالمية حاليا لهزات كبيرة ويسيطر عليها حالة عدم اليقين، وترتسم معالم  صراع اقتصادي كبير  بين الدول الصناعية وخاصة ( أمريكا )  من جهة وبين الدول المنتجة والدول المستهلكة من جهة أخرى ،وتذكرت وأنا أتابع التحركات السعرية الحالية لبرميل النفط كلمة قالها الفيلسوف والمؤرخ البريطاني ( برت راند راسل)‏‏  والذي توفي سنة /1970/ حيث قال [ تسود رائحة النفط في كل مكان ]،  كما اكد هذا  أيضا وزير الخارجية الامريكية الأسبق ( هنري كيسنجر ) بقوله [ سيطروا على النفط تسيطرون على الأمم  ] ، وحاليا نشهد صراعا عالميا كبيرا بعد قرار دول منظمة ( أوبك بلاس + ) بتخفيض إنتاجها من النفط وهذا مقدمة لارتفاع أسعار النفط الذي سيؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات ، وخاصة أن منظمو أوبك بلاس والتي تضم دول منظمة ( أوبك) التي  تأسست سنة /1960/ وتضم ّ كل من [  السعودية – الكويت – الامارات العربية المتحدة-   الجزائر – أنغولا – غينيا الاستوائية – الجابون – إيران – العراق – ليبيا – نيجيريا – جمهورية الكونغو، وفنزويلا] و تنتج يوميا بحدود /26/ مليون برميل ، ومن ثم انضمت إليها سنة /2016/ دول أخرى  منتجة للنفط وهي (  روسيا – أذربيجان – البحرين – بروناي – كازاخستان- ماليزيا –  المكسيك – سلطنة عُمان – السودان – جنوب السودان] وهذه الدول تنتج بحدود / 17/ مليون برميل يوميا ، أي ان دول أوبك بلاس تنتج بحدود /43/ مليون برميل يوميا تشكل من احتياجات السوق الدولية البالغة/101/ مليون برميل نسبة /43%/ ،ولذلك فهي مؤثرة بشكل كبير في سوق النفط العالمية ، وقد اتفقت منظمة أوبك بلاس على تخفيض إنتاجها من النفط بكمية /1،5/ مليون برميل يوميا بدءا من 1/7/2023 وحتى نهاية سنة /2023  ، وترجم هذا عمليا في اجتماعها بتاريخ 2/4/2023 بتخفيض بعض الدول لإنتاجها كما يلي  [ روسيا /500/ – السعودية/  500 / – العراق/211/  الامارات /144/ –  الكويت/ 128 / – كازاخستان /78/ – الجزائر/ 48 / – سلطنة  عُمان/ 40 / – الغابون /8/ ] أي بحدود /1،657/ مليون برميل أي الكثر من المتفق عليه في اجتماع أوبك بلاس ؟ ، وتؤكد المعلومات على ان باقي الدول ستلتزم بقرار التخفيض  ، وستعيد المنظمة النظر في قرارها هذا في اجتماعها القادم /49/ للجنة الوزارية المشتركة لمراقبة الإنتاج في شهر  أيلول سنة /2023 / ،  وهذا التخفيض سيؤدي  إلى إحداث فجوة بين ( الطلب الكلي والعرض الإجمالي  ) على  سلعة النفط ، وسيكون الطلب اكبر من العرض وبالتالي ستزداد الأسعار بشكل مباشر وبنسب تتناسب مع هذه الفجوة التسويقية ، وهذا سيؤثر على الدول المستوردة بشكل كبير وخاصة على معدل النمو الاقتصادي وارتفاع الأسعار ومعدلات التضخم والدورة الإنتاجية مما قد يؤدي إلى الوقوع في مطب الركود بل الركود التضخمي العالمي ، وهنا بدا موقف الإدارة الامريكية محيرا للكثير من الاقتصاديين ولا سيما إدانتها لقرار مجموعة ( أوبك بلاس + ) وخاصة ان أمريكا هي أكبر دولة في العالم تنتج النفط حوالي  / 13/ مليون برميل ، لكنها تستهلك  بحدود /20/ مليون برميل أي بحدود /23%/ من استهلاك العالم لسنة /2022/ ، وبتبين لنا أن لدى أمريكا  فجوة تسويقية بمقدار /7/ مليون برميل يوميا ،وهذا يفسر موقف الإدارة الامريكية من تخفيض كمية الإنتاج وارتفاع الأسعار ، وهذا يفسر موقف الإدارة الامريكية بتفعيل قانون ( نوبك أي اختصار لعبارة  No Oil Producing and Exporting Cartels) الصادر سنة /2007/ ويناقش حاليا في الكونغرس الأميركي ، وفي حال استصدار هذا القرار أو القانون سيؤثر على أمريكا سلبا وخاصة من خلال علاقتها  مع دول ( أوبك بلاس ) وأكثر هذه الدول تربطهم علاقة سياسية جيدة مع أمريكا كما سيؤثر على  شركات إنتاج النفط الامريكية ،ولكن يبقى هدف (نوبك NOPEC) هو الضغط على دول ( أوبك OPEC) فمن سينتصر مستقبلا ؟، وتستخد أمريكا قانون ( نوبك ) لتضمن السيطرة على سوق النفط العالمية والتقليل من عمل دول أوبك بلاس وزيادة الضغوط المالية على روسيا  ، ولا سيما ان هذا القانون يسمح للإدارة الامريكية برفع دعاوى قضائية ضد مجموعة منتجي النفط، ولهذا وجه وزراء النفط في أوبك بلاس تحذيرات للإدارة الامريكية من إصدار هذا القانون ، أما روسيا وبعد قرار الدول الغربية بتوجيه صادراتها النفطية بحدود /2/ مليون برميل يوميا  نحو الدول الشرقية وخاصة ( الصين والهند )وغيرهما  ،وأمام هذه الوقائع نؤكد بأن أسعار برميل النفط ستتجاوز /100/ دولار وأكثر ، وأخيرا نؤكد ان رائحة النفط موجودة في كل مكان !ومن يريد ان يسيطر على العالم يجب ان يسيطر على النفط والغاز أيضا ، فهل سنشهد معالم أزمة عالمية جديدة وعندها تصدق نبؤة(جورج بنيامين كليمنصو ) رئيس الحكومة الفرنسية  خلال وبعد الحرب العالمية الأولى حيث قال [ إن كل قطرة نفط تعادل قطرة دم)، أم سيترافق هذا اشتداد  الحرب التجارية وليست العسكرية بين الدول الكبرى بسبب توازن الرعب لكن نتوقع زيادة بؤر التوتر في أطراف العالم أو دول الأطراف والحرب الاقتصادية. 

دمشق :2023/4/7