أطفالكم في خطر

تتعدد المسؤوليات الملقاة على عاتقنا نظراً للضغوط الاقتصادية والنفسية والاجتماعية والتي تجعلنا في غفلة ما نهمل أو نقصر أو ربما نتجاهل ما هو أهم من كل ما سبق وهو أطفالنا الذين هم أمانة في أعناقنا ففي زحام سباقنا ولهاثنا وراء لقمة العيش نهمل واجبنا المقدس تجاه أطفالنا ألا وهو الاهتمام والرعاية والتقرب من الطفل ومحاولة تهذيب أخلاقه ومشاركته أوقات لعبه وتعلمه فتتجلى أسمى ما نقدمه له هو ( الطعام واللباس وخالهدايا إذا استطعنا شرائها طبعاً ) .

لم تعد الأم قادرة على سماع شكوى أطفالها ولا الرد على استفساراتهم الكثيرة ولا حتى تعليمهم فروضهم المدرسية بل هناك من ينوب عنها بذلك ، وكذلك الأمر بالنسبة للأب الذي بات يمضي أغلب وقته خارج المنزل لتأمين احتياجات الأسرة لم يعد لديه متسعاً من الوقت للعب مع أطفاله أو الجلوس أو الخروج معهم ففي أغلب الحالات يأتي الأب في ساعات متأخرة ويكون حينها الطفل نائماً وفي أيام العطل يكون الأب مشغولاً بأشياء أخرى . إن أردنا مكافأة الطفل نعطيه النقود ليشتري أشياء غير نافعة له أو نجعله يجلس أمام شاشة التلفاز يشاهد أفلامه الكرتونية المفضلة ” ولكن هذا الخيار بات صعباً لعدم وجود كهرباء ” يبقى الخيار المعتمد لدى الأهل هو إعطاء الجهاز النقال ( الموبايل ) للطفل حتى يتسلى وينشغل عن إحداث الشغب والفوضى في المنزل أو يفضل البقاء في المنزل ويتجنب الخروج واللعب في الشارع وبهذا تكون الأم قد وثقت أن طفلها في أمان لأنه أمام عينيها ولكن في الحقيقة الأمر عكس ما تراه تماماً .

أفكار مسمومة جلوس الطفل لساعات أمام شاشة التلفاز إن تسنى له الأمر أو الاستعاضة عنه بالموبايل للاستمتاع بالرسوم المتحركة يجعله عرضةً لمخاطر جمة يطول الحديث عنها حالياً ولست بصددها الآن إذ إن ما أردت توضيحه ينحصر بمحتوى ما تعرضه بعض الأفلام والمسلسلات الكرتونية التي تعرضها القنوات سواء التلفزيونية أو على الشبكة العنكبوتية .يتعرض أطفالنا لغزو يستهدف عقولهم الصغيرة تمهيداً للاستحواذ عليها والتحكم فيها بالمطلق ودس الأفكار الغربية المنافية لقيم وأخلاق مجتمعنا العربي على مبدأ دس السم بالعسل كنشر وترويج المثلية الجنسية كأسلوب حياة طبيعي لا تشوبه المغالطة ضمن رسوم متحركة عشقها أطفالنا وأدمنوا متابعتها وقلدوا شخصياتها واقتنوا الأشياء ( كالألعاب والملابس ) التي تطبع عليها صورهم هوساً بهم ، فمن منا لم ينجذب قبل أطفاله للمسلسل الكرتوني الشهير ( سبونج بوب ) الذي تعرضه قناة أم بي سي أو الفيلم الكرتوني ( الدعسوقة والقط الأسود ) أو أفلام ديزني المشوقة فعلى سبيل المثال 🙁 سبونج بوب ) في كل حلقاته تربطه علاقة حميمية بصديقه باتريك نجم البحر المعروف ببسيط فرغم اعتراضنا على تلك العلاقة التي يشوبها بعض الشذوذ غير أن المثلية تجلت واضحة في حلقة BIVALVE ROCK- a-BYE وهي موجودة على الانترنت ومتاحة للجميع حيث يظهر الصديقان الحميمان وهما يقومان ببناء منزل عبارة عن قوقعة ليعيشا معاً وينجبان فيما بعد طفلاً حيث يأخذ سبونج بوب دور الأم .

الفيلم الكرتوني ( الدعسوقة والقط الأسود ) يظهر فيه بشكل واضح العلاقة المثلية .مسلسل ( توب تن )أما فيما يخص قناة كارتون نتورك المحببة للأطفال وقناة نكلوديون فهناك العديد من الرسوم الكرتونية التي تعرض وتحتوي في مضمونها الشذوذ والمثلية على سبيل المثال مما يعرض :كرتون ( وقت المغامرة ) وهو واحد من بين الأفلام الكرتونية الشهيرة والتي تعتمد على توضيح العلاقة القوية ما بين إحدى شخصيات الفيلم وهي مارسيلين والشخصية الأخرى وهي أميرة العلكة حيث كان هناك بعض الميول بينهما من خلال توضيح العلاقة التي كانت تجمع ما بين الشخصيتين في القدم .

كرتون ( ستيفن البطل ) كرتون ( العم جدو )كرتون ( غامبول ) وهو من أكثر الأفلام الكرتونية متابعة من قبل الأطفال .شخصية ( جوني برافو ) وشخصية ASHLEY SPINELLI)) شخصية ( المرأة الوطواط ) .

وغيرها الكثير مما يعرض إما يحتوي على علاقات شاذة بين الشخصيات أو تظهر في الكرتون نفسه بعض الشعارات الدالة على المثلية .

وقد وجهت العديد من الانتقادات والتهم لقناة كارتون نتورك بأنها تروج للمثلية غير أن رد القناة كان صادماً حيث غيرت شعارها بعلم المثلية بشكل صريح مؤخراً .

الصدمة الكبرى غير أن ما أعلنته شركة والت ديزني يعتبر صدمة حقيقية وهي من الشركات الرائدة في مجال إنتاج الرسوم المتحركة حيث صرحت بشكل رسمي ظهور شخصيات كارتونية لها ميول مثلية الجنس حيث انتشر فيديو لـ (كيري بورك ) على مواقع التواصل الاجتماعي وهو رئيس المحتوى الترفيهي لشركة ديزني أكد فيه أن هناك نية في الشركة لتمويل وانتاج نحو 50% من الشخصيات الكارتونية التي تظهر في أفلام ومسلسلات الكارتون الخاصة بـ ( ديزني ) بنهاية العام الفائت إلى شخصيات مثلية الجنس كمحاولة لدعم مجتمع المثليين والعابرين والمتحولين جنسياً ومزدوجي الهوية الجنسية .

فما موقفنا ونحن على أعتاب مرحلة تدمير المثل والقيم الأخلاقية في عقول صغارنا من خلال رسوم وأفلام أدمنوا متابعتها واستقوا خبراتهم ونموا مواهبهم وخيالهم وملكاتهم العقلية منها ، فالطفل وهو في مرحلة التكوين يتلقى معلوماته من الكارتون ويقلد ما يشاهده بشكل تلقائي ومع دخوله مرحلة المراهقة سيتأثر سلوكه ويبدأ في التحول إلى التصرفات الشاذة وربما يتحول إلى شاذ بشكل كامل في مرحلة لاحقة !!!كيف نحمي أطفالنا ؟؟هنا يجب التركيز على جانبين أساسيين آلا وهما المراقبة والقوانين ، فبالنسبة للمراقبة فهي تتضمن مراقبة أسرية ومراقبة حكومية لما يتم عرضه من رسوم متحركة وأفلام موجهة للطفل .

فالأسرة لها دور أساسي في عملية توعية وإرشاد الطفل من خلال مراقبة ما يشاهده الطفل من رسوم متحركة وتحديد فترة زمنية في اليوم لا تتجاوز الساعتين كحد أقصى إضافة إلى الشيْ الأساسي وهو الجلوس مع الطفل أثناء متابعته برامجه المفضلة ومحاولة لفت نظره و إقناعه بأن ما يشاهده ربما خيال علمي أو مشاهد غير واقعية أي خلق روح النقاش والتساؤل لدى الطفل ليصبح قادراً على إجراء محاكمة عقلية بنفسه لكل ما يراه أمامه ومع الوقت يصبح الطفل هو من ينتقد ما يشاهده أمام أسرته ، أما بالنسبة للمراقبة الحكومية فقد بات الأمر شبه مستحيل ففي السابق كان بالإمكان التحكم بالبرامج وما يتم استيراده لأنه يعرض عبر القنوات التلفزيونية المحلية ( الحكومية ) ويخضع قبل العرض للمراقبة أما اليوم فمن الصعب مراقبة ما يعرض في ظل الانفتاح الواسع على الفضائيات و شبكة الانترنت لذلك كان لا بد من تفعيل بعض الإجراءات كقانون حقوق الطفل القانون رقم (21) تاريخ 15/7 لعام 2021 الذي يهدف إلى تعزيز دور الدولة بمختلف مؤسساتها العامة والخاصة في حماية الطفل ورعايته وتأمين التنشئة والنماء والتأهيل العلمي والثقافي والنفسي والاجتماعي لبناء شخصيته بما يمكنه من الإسهام في مجالات التنمية كافة . فقد جاء في المادة (30) من القانون : تُلزم جميع الجهات القائمة على انتاج أو عرض أي مادة إعلامية بتحديد الفئة العمرية الموجهة لهذه المادة وبالإعلان عن ذلك بشكل واضح وباللغة العربية .وفي المادة (32) من القانون نفسه : يحظر إنتاج أو نشر أو عرض أو تداول أو ترويج أو تصوير أو نسخ مواد أو وسائل أو منتجات مرئية أو مقروءة أو مسموعة الكترونية أو غير الكترونية خاصة بالطفل إذا كانت تضر به أو تشجع على سلوك جائح .

استكمالاً لما سبق الحديث عنه آنفاً كان لنا وقفة مع الدكتور أيمن السمان أخصائي ارشاد اجتماعي وحماية أسرة الذي حدثنا عن ايجابيات وسلبيات الرسوم المتحركة على الطفل وأكد على ضرورة حماية عقل الطفل وسلوكه وقيمه وتنمية مواهبه وصقل قدراته العقلية والبدنية ، إذ إن أفلام الرسوم المتحركة تصل إلى الطفل بالصوت والصورة بما تحويه من حركات وألوان جذابة وتوجهه إلى معرفة أشياء وأمور متنوعة ما كان له أن يجد الفرصة ليتعلمها دون مشاهدة هذه الأفلام والرسوم الكرتونية ولكن في نفس الوقت يكون لها آثاراً سلبية عليه ايجابيات الرسوم المتحركة على الطفل : تغرس هذه الرسوم اهتمامات جديدة لها تأثير على سلوك الطفل وتكوين عاداته وقيمه وتكسبه الخبرات والمعارف وخاصةً في هذه السن الصغيرة الذي يكون فيه على استعداد لاستقبال ومعرفة الكثير والكثير .

تحتوي الرسوم المتحركة على الحكايات التي يمكن أن تساعد الطفل على تفهم طبيعة العلاقات الاجتماعية وتكسبه المهارات والخبرات مثل النظافة الشخصية وآداب الحديث وآداب المرور والتعاون مع الآخرين وتساعده على غرس التفكير العلمي وتشجعه على الاهتمام بالتكنولوجيا التي أصبحت من سمات العصر ، كما أنها تعلمه لغة عربية فصيحة لا يجدها في محيطه الأسري مما ييسر له تصحيح النطق وتقويم اللسان وطريقة الكلام وتلبي بعض احتياجاته النفسية وتشبع عنده غريزة حب الاستطلاع فتجعله يسعى لاكتشاف ما هو جديد إضافة إلى غريزة المنافسة والمسابقة التي تجعله يفكر في النجاح ويسعى إليه ، كما أنها تنمي خيال الطفل وتغذي قدراته وتعرفه بأساليب مبتكرة متعددة في التفكير والسلوك .

رغم كل تلك الإيجابيات فإننا نقف أمام الكثير من السلبيات التي تضر بالطفل إذا ما أخذناها في الحسبان .

سلبيات الرسوم المتحركة على الطفل : تكون هذه الرسوم أحياناً غريبة الصنع والهوية على عقول أطفالنا لأنها صممت لغير أطفالنا وبعقلية غير عقليتنا وثقافاتنا ما يجعلها تعلم الطفل بعض عادات وأخلاق تبعد كثيراً عن عاداتنا وأخلاقياتنا وعقيدتنا ولا تتماشى مع طبيعة مجتمعنا . تعرض بعض هذه الرسوم المتحركة أفلاماً تحث على العنف والإجرام والمثلية الجنسية وتجعله يميل إلى العدوانية في تصرفاته ويستبيح أمور محظورة أخلاقياً .

تجعل هذه الأفلام الطفل يعتاد على التلقي وليس الاكتشاف أو الابداع لأنه لا يشارك فيها ولا يكتسب مهارات في هذا السن الذي يكون فيه بحاجة إلى تعلم القراءة والكتابة والأعداد واكتساب المهارات والتعبير عن نفسه ويعطل ملكات الفكر والابتكار ويقلل درجة تفاعل الطفل مع أفراد أسرته وذلك عند ترك الطفل لساعات طويلة أمام الرسوم المتحركة للتخلص من شقاوته .

يضر الجلوس لفترات طويلة أما التلفاز أو الموبايل بصحة الطفل ويؤثر على نظره وجسده بشكل عام ، ويلهيه عن أداء واجباته ويحرمه من الحصول على ساعات كافية من النوم في حال لم ينظم الأهل ساعات المشاهدة وجعلوها تحت إشرافهم فعلى الرغم من أن التلفاز في هذه المرحلة هو أهم وسيلة للترفيه لكن تبين أن اللعب في الهواء الطلق هو المناخ الصحي المناسب لاكتشاف الطفل العالم المحيط به بطريقة أفضل لأنه يساعده على تفريغ شحناته الانفعالية وتحرك عضلاته وتفجر طاقاته فيركض ويفكر ويتعامل مع أقرانه من الأطفال بدلاً من التحديق بالشاشة طوال الوقت .
كلمة أخيرة …
ليس كل مكافأة للطفل هو الجلوس أما التلفاز وليس كل نجاح دراسي يقابله هاتف نقال فهناك أشياء أخرى يمكننا مكافأة الطفل بها كالتنزه في الحدائق أو شراء الألعاب التعليمية والقصص والقيام بنشاطات ترفيهية حتى لو كانت الظروف الاقتصادية مرهقة ، علينا إيجاد بدائل نافعة لعقول أطفالنا فلماذا نحرم أطفالنا اليوم من أمور وألعاب كانت تسلينا بالأمس وتشغلنا لساعات طوال وبنفس الوقت لا تنسينا واجباتنا المدرسية ولا تتعارض مع تربيتنا الأسرية ولا قيمنا المجتمعية .

غادة فهد