قسد والحسابات الخاطئة .!


يونس خلف
أمين السر العام لاتحاد الصحفيبن السوريين


اليوم بعد كل ما حدث خلال سنوات الحرب على سورية لم يعد أحد في العالم كله يستطيع أن يطمس الحقائق أو يتجاهل ان سورية انتصرت على المؤامرة وأن الشعب السوري صمد وانتصر ولم يسمح لأحد أن يمس  السيادة الوطنية وكرامة المواطن السوري ، والجميع يعلم ويدرك وعلى يقين أيضاً ان أردوغان لن يبقى شماعة لوجود أي جسم غريب في الجسد الوطني ، ولعل الأمر واضحاً أننا نتحدث عن قسد ، ولا نأتي بجديد عندما نقول إن المزاج الشعبي لم يكن في يوم ما مع ممارسات قسد بدءاً من رفض وإدانة الارتهان للمحتل الامريكي مروراً بسرقة النفط والثروات الزراعية والإستيلاء على الممتلكات العامة والخاصة وصولاً إلى إغلاق المدارس وتجهيل  الجيل وتحويل المدارس إلى معسكرات ومعتقلات إضافة إلى التجنيد الإجباري للشباب والاطفال وزجهم في الاعمال القتالية كما تريد وتشتهي إدارة الحرب على سورية التي تتزعمها الولايات المتحدة الأمريكية. 
أبناء منطقة الجزيرة رفضوا  الإرتهان للمحتل الأجنبي منذ البداية  و المظاهرات الشعبية في مناطق متفرقة من محافظة الحسكة ولا سيما في القامشلي ضد “قسد”  هي مؤشر وتأكيد على الاستمرار في رفض الارتهان والتذكير بضرورة العودة إلى المسار الصحيح وهو المسار الوطني الذي اختاره الشعب السوري منذ بداية الحرب ولم ينحرف عنه .
والامر الآخر الذي تعكسه طبيعة هذه المظاهرات هو فشل ما نادت به وعملت عليه مجموعات قسد حيث تبخرت الشعارات التي كانت تهدف إلى تضليل بعض المواطنين ، و مؤشرات الفشل باتت واضحة وكثيرة منها ما لاحظه الجميع في اللافتات التي حملها المتظاهرون والعبارات المكتوبة عليها ، بعضها يدين الممارسات القمعية  ويطالب بالإفراج عن المعتقلين ويندد بنشر الجهل وسرقة الثروات النفطية والزراعية،  ولافتات أخرى تطالب بطرد الإحتلال الامريكي والتركي وفتح المدارس التي تم الاستيلاء عليها .
وأبعد من ذلك يمكن النظر إلى هذه المظاهرات من خلال المشاركة الواسعة فيها ومن معظم مكونات المجتمع الامر الذي يعكس الإستياء الشعبي من استمرار ممارسات قسد وتدهور الاوضاع نتيجة هذه الممارسات .
أيضاُ كشفت وقائع هذه المظاهرات من جديد الممارسات القمعية لقسد وتجلى ذلك في ردع الناس عن التظاهر  لكن هذه  الممارسات القمعية دفعت الناس أكثر  للمواجهة وتوسيع دائرة التظاهر و التلويح بالتحدي رغم هجوم الملثمين على المتظاهرين بالعصي والحجارة و إطلاق النار لفض الاشتباك والاعتداء  بالعصي والحجارة على  المتظاهرين وتحطيم كاميرات التصوير والموبايلات التي كانت تلتقط الصور للمظاهرات  وإطلاق الرصاص الحي لتفريق الاشتباك . والسؤال الذي يطرح نفسه : ماذا بعد يا قسد ؟  إذا كان كل مواطن يعلم علم اليقين أن أمريكا سترحل ولو بعد حين ،
وأن الاحتلال سيزول كما اي احتلال عبر التاريخ ،
وأن هناك مغفلين كثيرين في الدنيا‏..‏ ولكنهم ليسوا بالكثرة التي تتصورها أمريكا‏.. والجميع يدرك أيضاً أن أمريكا  لا تريد خيراً لكل ما يتعارض مع مصالحها  وأكثر من ذلك وضوحاً وبكل علانية فإن  أمريكا أصبحت مصدراً للفوضى و الإرهاب في العالم لأنها دولة همجية تعتمد على القتل و النهب.  ولم يعد اي شيء تقوله الإدارة الأمريكية قابلاً للتصديق بسبب الكذب والنفاق وأيضا الحسابات الخاطئة في علاقاتها وأعمالها مع الدول والشعوب . لكن أصحاب الشأن في قسد لا يقرؤون التاريخ ويتجاهلون  ما تريده أميركا من المنطقة ، ولا يخطر في بالهم ماذا سيحدث بعد ذلك كله ؟ وهل تنفع الحسابات الخاطئة ، وبمن يتم الإستقواء بعد أن يرحل أو يموت او يضعف من نستقوي به .؟ فهل آن أوان التأمل في الحسابات الخاطئة .؟