93 عاماً على اكتشافها… أوغاريت قصة سورية كنوزها هوية ثقافية فريدة

قبل أكثر من 7500 عام قبل الميلاد تأسست مملكة سورية قديمة على ساحل البحر الأبيض المتوسط فكانت مركزاً حضارياً مزدهراً وصلت فيه أوغاريت إلى مستوى حضاري رفيع وهو ما تحدثت عنه الوثائق واللقى المكتشفة.

أوغاريت التي اكتشفت في مثل هذا التاريخ قبل 93 عاماً قدمت للبشرية إنجازها الأكبر الأبجدية الأولى التي عثر عليها في رأس شمرا فضلاً عن 3557 رقيماً فخارياً وجدت بين أركانها ما بين عامي 1939 و 1988 مع وثائق مكتوبة والعديد من النصوص المنقوشة على مواد كالأنصاب الحجرية والأسلحة والأوعية وغيرها فسرت علاقات أوغاريت الواسعة مع الممالك الأخرى.

وعندما أوجد الأوغاريتيون لغتهم المكتوبة بالطريقة الأبجدية كان الشرق القديم يعرف طريقتين في الكتابة الأولى الهيروغليفية أي الصورية كما في مصر والمسمارية المقطعية كما في بلاد الرافدين لكنهما كانتا تتطلبان عدداً كبيراً من الإشارات الأمر الذي جعل استعمالهما صعباً.

أما الكتابة الأوغاريتية التي ظهرت في 1400 قبل الميلاد فتألفت من 30 إشارة مسمارية وكل واحدة ترمز إلى حرف ساكن مستقل عن الصوت.

وتؤكد الأبحاث العلمية أن اللغة الأوغاريتية قريبة من العربية من حيث التراكيب وقواعد النحو والصرف والمفردات الخاصة وفيها نحو 1000 كلمة هي نفسها في لغة الضاد وبعضها الآخر نجد له صدى بلهجات الساحل السوري الدارجة.

وتميزت الوثائق المكتوبة والمكتشفة في موقع رأس شمرا بتنوعها وتناولها ميادين مختلفة وفرت للباحثين معلومات غنية فهناك الدينية ومنها 4 ملاحم وهي ملحمة بعل ومولد الآلهة وعرس القمر والرفائيم والأدبية وتشمل حكماً ونصائح وقصائد ونصوصاً ذات طابع علمي من بينها أسماء الحيوانات والأقمشة المستعملة وأسماء أشهر السنة.

وهناك وثائق قانونية من عقود بيع وشراء ووصايا أبرمت بين أفراد عاديين ونصوص رسمية صادرة عن ملوك اوغاريت ذات طابع دولي من معاهدات واتفاقيات سياسية أو تجارية وقرارات كما عثر على رسائل دولية متبادلة بين أوغاريت وممالك أخرى.

وتشمل النصوص الإدارية قوائم بأسماء الموظفين والتجار والحرفيين وأسماء المدن والقرى والمزارع التابعة لها ونصوصاً اقتصادية تتحدث عن المنتجات الزراعية والملاحة والنقل البحري والبري.

وللفن في أوغاريت بصمة خاصة تظهر ذوق فنانيها ومهاراتهم الذين طبعوا إنتاجهم بطابع محلي وهو ما عكسته أواني الذهب والإنصاب الحجرية ذات الرسوم النافرة والأسلحة المشغولة وقطع الزينة والتماثيل والمجوهرات والأختام الأسطوانية التي حملت رسوماً غاية بالدقة والتميز.

وتدل آثار أوغاريت على مملكة جيدة التخطيط والمباني إذ ضمت الطرق المرصوفة والأبنية السكنية والمباني الإدارية والمكتبة و القصر الملكي.

وللأهمية التي تشغلها لغة أوغاريت في علوم اللغات واللسانيات أصبح لها علمها الخاص المعروف عالمياً باسم أوغاريتولوجيا ومجلة خاصة بها تصدر في فرنسا باسم اوغاريتيكا ما يجعل الحاجة ملحة لإطلاق مشروع ثقافي متكامل حول هذه الحضارة يحمل بصمتها وهويتها الأثرية الفريدة.

سانا