فكرة (٢)

… الأمثال كلماتٌ محكمة تختزل الكثير من الخبرات والتجارب وتُعبر بها الشعوب عن موقفها من كثير من أمور الحياة، لذلك فإن لكل شعبٍ أمثالَه المُستَمَدة اصلاً من تجربته وظروفه ومعاناته وفعالياتِه وأنشطتِه وممارساتِه المختلفة،، ولكن هذه الأمثال لاتشكل مع بمجموعها فلسفةً متماسكة مُحكمَة البناء منطقية الأسس بل إننا نجدُ فيها الكثيرَ من الأمثال المتناقضة والتي تنظر إلى الموضوع الواحد من زاويتين مختلفين،،، خُذ مثلاً هذا المثل المشهور (خبئ قرشك الأبيض ليومِك الأسود) إنه مثلٌ مقبول يُراد به أن على الإنسان أن يدّخر من أيام يُسره وسعادته شيئاً لأيامٍ قد تحمل له البؤسَ والحاجة والعَوَز،،،، ثم لو أخذنا مثلاً آخر مثل (إصرف مافي الجيب يأتيك مافي الغيب) إن هذا المثل يعني أن على الإنسان أن يُنفـِق على نفسه دون أن يخشى المستقبل إنه دعوةٌ للجود والكرم وعدم البُخل بحُجة الإحتياط من غدر الأيام وهذا المثل وكما هو واضح يناقضُ تماماً المثلَ السابق ويعارِضه فبأي المَثلين نأخذ وعلى هدي أيهُما نسير؟ للإجابة على ذلك نقول بأن كل مثلٍ من الأمثال يُضرَب لحالةٍ جُزئيةٍ خاصة، ويتماشى مع موقف فردي منعزل وأننا لايمكن أن نعتبر الأمثالَ كلَها فلسفة واحدة، ذلك أن أي إنسان ومهما كانت منطلقاتُه فإنه سيجد في الأمثال مايدعم آراءه، “ومن العبث أن نستخلص وجهةَ نظرٍ متماسكة من أمثال أي شعبٍ من الشعوب”

مجد حيدر