بعد فرسان الحداثة الشعرية في خمسينيات القرن العشرين ومن تبعهم في السبعينيات جاء شعراء عقد الثمانينيات الذين حملت نصوصهم كل أدوات الكتابة ومعطيات الإبداع دون أن تنال حظها من الشهرة كسابقيهم فكانوا ينحتون في صخور الكلمة ويتفوقون على ذواتهم بقصائد تستحق الشهرة والضوء ومن هؤلاء أمير سماوي.
الشاعر سماوي الذي عشق القراءة منذ طفولته أوضح في مقابلة مع سانا الثقافية انه بدأ الكتابة الشعرية مبكرا متأثرا بالشعر الصوفي ليبدأ تجربته مع الشعر العمودي مطلعا على الشعر العربي من الجاهلية حتى المعاصر فاكتسبت قصائده صفة التنوع متناولة أغلب أنواع الشعر لافتا إلى أنه نال الموافقة على طباعة مجموعة شعرية وهو في الرابعة عشرة من العمر.
وفي مرحلة لاحقة أعجب سماوي بشعراء الغرب مثل “ادغار الان بو “بول فاليري” كمقدمة لاعتماده الحداثة والخروج من الشكل التقليدي مع دراسة اعمال شعرائنا العرب المعاصرين أمثال أدونيس والسياب ونازك الملائكة ورؤاهم الشعرية والنقدية حيث نشر أول محاولة له ضمن هذا النوع تحت عنوان قبة الكون عام 1980.
وحفل ديوان سماوي الأول الذي نشره سنة 1989 بعنوان “ابراج العدم” بقصائد نثرية عدا قصيدتين عموديتين اضافة الى قصائد منوعة تجمع النثر والتفعيلة والعمودي مع الحفاظ على وحدة نسيجها العضوي بين الشكل والمعنى.
ورغم أن سماوي يرى أن ما يسمى الأدب الوجيز وقصيدة الومضة والقصة القصيرة جدا جاءت لمراعاة ثقافة العامة وابعاد الناس عن النص الحقيقي وانها تسهم بتدمير الذائقة الجمالية الا أنه في الوقت نفسه يشير الى انه ليس ضدها بالمطلق حيث تحتوي أعماله بعضا منها والمكتملة معنى ومبنى من دون أن يكتفي بها ويستبعد القصائد الطويلة كما هو سائد حاليا.
وعن علاقته بالصوفية اوضح انه تأثر بشاعر الهند طاغور الذي وجهه ليرى النظرة الصوفية للحياة المليئة بالإحساس المبهجة بالجمال فكان يمزج الفرح والحزن معتبرا ان الصوفية هي حالة الفرادة والجدارة الانسانية والقيمة الروحية والنفسية للإنسان.
ويجد سماوي أن معظم الشعر العربي الحديث عاش قلقا متأثرا بالواقع الاجتماعي والسياسي ونسي أن يركز على الوجدان الإنساني وعلى لغة الحياة الصافية للإنسان العربي فانقطع تواصل هذا الانسان مع كل جماليات الادب واقتصرت على اسم الكاتب وعنوان نصه.
وعن قصيدة النثر يعتقد سماوي ان فرسان الحداثة لم يكتبوها بشكلها الأنقى لافتا الى تجارب انسي الحاج وسنية صالح وسليمان عواد اما محمد الماغوط فكتب القصيدة الاجتماعية القلقة التي لم تسمح لها الظروف بالنضج مؤكدا أن هذه القصيدة خاضعة لمقدرة الشاعر التخيلية التي يجب ان تعوض عن الموسيقا الخارجية بالتخيل اضافة الى تعدد المعاني ولو اتهمت بالغموض والمجازية المفرطة مع ضرورة ان تنتمي للواقع الاجتماعي وتحمل الحكمة والعرفان الروحي والعقلاني والعاطفة معا.
وعن كتابه النقدي اتجاهات الشعر العالي يبين سماوي انه درس فيه تجارب عدد من الشعراء كدرويش وادونيس ونزار والبياتي وصلاح عبد الصبور واخرين واضعا رؤية بما يملكه من ذائقة نقدية لتصور أفضل لنص شعري عربي معتبرا خلاله ان الشكل الاجمل للشعر العربي لم يكتمل بعد ونحن امام تحد لإكمال هذا الامر.
الشاعر أمير سماوي اسمه الحقيقي رجب حسن علي يعمل محاميا وله عدد من الاصدارات الشعرية جمعها في الاعمال الكاملة عام 2016 احتوت على ثماني مجموعات وله ايضا اعمال نقدية منشورة اخرى منها الشعر العالي ومسرحية “البعل في المحرقة” إضافة الى كتاب نقدي يعد له تحت عنوان “على حد الشعر”.
سانا