دراسة الحضارات القديمة التي مرت على المنطقة وما قدمته للبشرية من منجزات حظيت باهتمام الباحث الدكتور إياد عبدالله يونس الذي انكب عليها بحثاً وتدقيقاً بهدف تفنيد الآراء التي خرج بها مستشرقون غربيون وتماهت مع النظرة الاستعمارية والصهيونية للمنطقة.
وفي حديث مع سانا الثقافية يقول يونس: “الهدف الأساسي الذي سعيت إليه من خلال هذه البحوث والكتب التعريف باللغات الشرقية القديمة ولاسيما الفينيقية لأنها موروث الذاكرة السورية القديمة وعلينا أن نكتب تاريخنا لا أن نأخذه بقوالب جاهزة من الغرب لينسونا موروثنا الثقافي السوري وأيضاً لمواجهة ما تسمى النظرية السامية التي ترمي لتحويل الإنسان العربي إلى شخصية من الصحراء ليس لها تاريخ أو منجز حضاري عريق” مشيراً إلى أنه لم يعثر عبر تحليلاته على دليل مادي يثبت الهجرات العربية من شبه الجزيرة في العصور القديمة والتي تتماهى برأيه مع النظرية السامية.
وحول كتابه “اللغة الفينيقية دراسة مقارنة مع اللغات الشرقية القديمة” الذي يعد من الكتب النادرة ضمن هذا الاختصاص يشرح يونس أنه اعتمد في إنجازه على النقوش الكتابية الفينيقية والآرامية والرقم الأوغاريتية إضافة لمراجع أجنبية وعربية مختلفة وتناول فيه التعريف بالفينيقيين وسبب تسميتهم والتأكيد بأنهم كنعانيون وأنهم أصحاب المنطقة والتطور الذي قدموه في الصناعة والتجارة والنظام الإداري واختراع الألف بائية الأبجدية ومعاني حروفها والأصوات اللغوية والتكوين النحوي في اللغة الفينيقية مع المقارنات الموسعة بين هذه اللغة وسواها من اللغات القديمة.
وشملت هذه المقارنات حسب يونس دراسة للأصوات اللغوية الصامتة واللينة والعلاقات اللغوية الإبدال والمماثلة إلى الترخيم والقبض والمقطع والنبر والمقارنة بين الضمائر بأنواعها والأسماء والمصدر والحروف ودراسة الأفعال بأنواعها ونوع الجمل والأعداد في اللغة الفينيقية ومقارنتها مع اللغات الشرقية القديمة مرفقاً بقواميس مصغرة عن مفردات اللغات القديمة ومعانيها وصولاً للتأكيد على أهمية هذه اللغات للعربية.
ويدعو يونس لأن تدرس اللغات الشرقية القديمة من المراحل الأولى للطلبة حتى الجامعات وإلى إحداث مراكز للأبحاث اللغوية واللسانيات القديمة بما يخدم تاريخنا ولغتنا ويؤكد أهميتهما.
وأطلق يونس ضمن هذه الدعوة دورة لتعليم اللغة الفينيقية مجاناً في المركز الثقافي بضاحية حرستا بهدف الحفاظ على الإرث اللغوي والثقافي السوري وتنبيه المتعلمين إلى أهمية لغاتنا منوهاً بالتجاوب الذي لمسه من عدد الطلاب.
يشار إلى أن للدكتور يونس 4 كتب ثلاثة منها مطبوعة وهي “اللغة الفينيقية دراسة مقارنة مع اللغات الشرقية القديمة” و”أدب الأسطورة في العهد الفرعوني” و”الحياة الاقتصادية في مملكة أوغاريت في القرنين الرابع عشر والثالث عشر ق.م” و”الموروث الميثيولوجي الكنعاني في الديانات السماوية” وهو قيد الطباعة.
سانا