الشاعر محمد عيسى: الشعر لا تصنعه الأوزان والقوافي

تنهل التجربة الشعرية عند الشاعر محمد عيسى من الحداثة القائمة على الابتكار ورفض الموروث والاحتفاء بالصورة والموضوع.

نظرة الشاعر عيسى إلى التجديد تقوم على أنه ضرورة وحاجة ونتيجة طبيعية للتطور مبيناً خلال حديث مع سانا الثقافية أن النقاد الأقدمين نظروا إلى الشاعر بشار بن برد كأول المحدثين بالمعنى الإبداعي حتى أن ناقداً مثل الأصمعي اعتبره أشعر من غيره لأنه خرج عن مسالك الأوائل.

ويضيف حول هذه النقطة مؤلف مجموعة (لا شيء في أوانه) : “لم يكن الشعر الخليلي موجوداً منذ بدء الخليقة كي يبقى إلى الأبد فهو من صنع البشر وهذا يعني أن الزمن يجري عليه بعد أن أدى وظيفته بجدارة وكما وجد سابقاً كحاجة ضرورية للتعبير وبما يتوافق مع ذلك العصر”.

ويؤكد عيسى أن ظهور أشكال شعرية جديدة تطرحها الحياة باستمرار دليل على الحركة كما حدث مع قصيدة التفعيلة معتبراً أن الشعر لا تصنعه الأوزان والقوافي لأنها عبارة عن إطار للقصيدة وهي الأقل شأناً في الشعر حيث يستطيع أي أحد تعلم بحور الشعر وأوزانه ولكن ليس بإمكان أي أحد أن يصبح شاعراً.

وحول نظرته كشاعر لقصيدة النثر يرفض عيسى هذا المصطلح لأنه أسقط عن هذه القصيدة صفة الحداثة ويصفه بالخاطئ والذي خلق إشكالاً وسوء فهم عند من يكتبون هذا النمط فالنثر يراه جنساً أدبياً لا علاقة له بالشعر لذلك يفضل بدلاً منه الشعر الحر أي المتحرر من الأوزان والقوافي.

ولكن عيسى يرى أن القصيدة الحرة أصعب من شعر العمود الذي يتيح لكاتبه أن يكتب قصيدة كحالة نظم مستوفية شروطها من وزن وقافية بغض النظر عن قيمتها الشعرية بينما القصيدة الحرة لا يصلح لها أي كلام فهي لا تستند إلى شيء فإما أن تكون شعراً أو لا شعراً.

ويجد عيسى في الشعر الحر فناً ذا حساسية عالية يجيدها من يمتلك فكرة  الانزياح وفطرة الخلق معتبراً أنه ليس كالأحاديث التي نتداولها أو كاللغة التي نستعملها في التعبير عما نريد قوله فيما بيننا ولا هي وصف خارجي بكلام منمق.

وعندما يقارن عيسى بين قيمة اللغة والصورة فإنه يفضل الأخيرة لأنها الأسبق في الإبداع البشري ولأنها هي التي أوجدت اللغة وخلقت الأحاسيس والحاجة إلى اللغة من أجل التعبير فالصورة عنده فاعل واللغة منفعلة.

وحول النمط الشعري السائد حالياً المسمى بقصيدة الهايكو يعتبر أنها تركيب لغوي لصور حسية من السهل تعلمها والدليل كثرة كتابه من غير أن يعرف معظمهم شيئاً عن أصلها وشروط كتابتها لكنه يرى أن عمر هذه القصيدة قصير وقد ينجح مرات قليلة ومن ثم ستنضب جعبته ويضطر لإجبار نفسه على الاستمرار في كتابة هذا النمط دون أي جديد.

ولا يجد عيسى أن هناك مقاييس لتحدد عدد كلمات قصيدة الومضة فهذا رهن بموضوعها وحتى يكون شاعر قصيدة الومضة ناجحاً ومبدعاً لا بد أن يتمتع بفكرة الهدم والبناء الجديد وإعادة صياغة المفاهيم المعهودة برؤية مبتكرة.

يذكر أن للشاعر محمد عيسى أربع مجموعات مطبوعة إضافة إلى أعماله الشعرية الكاملة، شارك في العديد من الأمسيات والمهرجانات الشعرية والأدبية في دمشق والمحافظات.

سانا