من دمشق التي أحبها بكل تفاصيلها وحقق فيها كل أحلامه، انطلق موكب المخرج السينمائي الكبير عبد اللطيف عبد الحميد إلى مدينته اللاذقية التي كانت ملهمته الأولى والأخيرة في أغلب أفلامه التي كتبها وأخرجها بحضور عدد كبير من الفنانين الذي كان له الفضل في إظهار أغلبهم.
و احتضنت محافظة اللاذقية موكب تشييع جثمان ساحر السينما السورية المخرج عبد اللطيف عبد الحميد الذي انطلق صباح اليوم من أمام مشفى ابن النفيس بدمشق ووصل ظهراً إلى اللاذقية التي حضرت شعبياً ورسمياً لتودع مخرج كبير استطاع نقل صورة الريف السوري بجماله ونقائه وبساطته ليوارى الثرى في قريته البهلولية بريف اللاذقية.
المخرج الكبير عبد اللطيف عبد الحميد الذي وافته المنية عن عمر ناهز 70 عاماً ترك وراءه إرثاً سينمائياً غنياً ومسيرة حافلة بنحو 20 عملاً فنياً أبرزها ليالي ابن آوى ورسائل شفهية وصعود المطر وقمران وزيتونة ونسيم الروح والعديد من الجوائز المحلية والإقليمية والدولية.
ووسط حضور فني واسع رافق الجثمان في رحلته الى قريته عبر عدد من الفنانين من خلال سانا الثقافية عن عظيم الفقد والخسارة الكبيرة التي ألمت بالسينما السورية مع رحيل أحد أهم أعمدتها، حيث رأى محسن غازي نقيب الفنانين أنه في رحيل عبد الحميد خسرنا قامة إبداعية وإنسانية كبيرة أغنت المشهد الإبداعي العربي والدولي بالكثير من الأعمال الخالدة التي أسست لسينما سورية متقدمة وحديثة استطاعت أن تجد لها مكاناً منافساً في المحافل الدولية.
صديق الراحل الكاتب حسن سامي يوسف رأى أن عبد الحميد كمخرج سينمائي هو واحد من قلة قليلة فهمت الفن السينمائي بشكل سليم ونظرت إليه كفن وصناعة وتجارة، حيث صنع أفلاماً كانت الوحيدة في تاريخ السينما السورية التي استردت كامل تكاليفها من العروض الجماهيرية وهو أمر غير مسبوق على الإطلاق، وأضاف: هو فنان فريد من مستواه وكإنسان هو طفل من أنقى القلوب التي تعرفت عليها في حياتي، عقل لطيف مبدع نقي الروح له أجنحة بحجم الكون، ممتد في كل شيء، حاضر في التفاصيل. أعتقد أننا سنحتاج للكثير من الوقت كي ندرك حجم الخسارة التي منينا بها جميعاً.
المخرج جود سعيد الذي كانت وصية الراحل أن يذكر اسمه بصفة ولده تحدث عن علاقته به والتي سبقت دخوله إلى عالم السينما وكانت في عمر الخامسة عشرة، فقال: علاقتي به مختلفة وأشعر كأنني خسرت أحد أفراد عائلتي وخسرت أكثر من صديق وأب وأخ، لافتاً إلى أنه توفي في ذكرى النكبة وكان له علاقة خاصة بفلسطين، وخصوصاً أنه ولد في الجولان، ولا أحد قادر على أن يكمل مسيرة عبد اللطيف وما صنعه يعجز أي أحد عن إكماله.
الفنان القدير فايز قزق الذي كان بطلاً لعدد من أهم أفلامه أشار إلى العلاقة الكبيرة التي جمعته بالراحل عبد الحميد وامتدت لحوالي الثلاثين عاماً واصفاً إياه بالإنسان الصادق والوفي والشجاع، عاش حياته وهو يبحث عن أولئك الذين كانوا خارج الضوء، ليجعل منهم أبطالاً حقيقيين وقدمهم في بيئته الأصلية التي يحبها وهو هذا الساحل السوري أو في بيئته التي عاش فيها في جنوب سورية في القنيطرة أو في دمشق، لتشكل نماذج تصلح لأن تكون معايير لتقديم ولإنتاج سينما جديدة في بلدنا سورية.
الفنانة سلاف فواخرجي أشارت إلى الخسارة الكبيرة التي شكلها رحيل عبد الحميد ليس على صعيد السينما فحسب بل على صعيد سورية ككل، باعتباره كان سفيراً للسينما وللضحكة وللدمعة وللواقع فكان بحق إنساناً كبيراً قبل أن يكون فناناً ومخرجاً عظيماً وصديقاً باراً.
الفنان باسل حيدر بين أن تاريخ الراحل الكبير وانجازاته الفنية والسينمائية ستبقى تتكلم عنه أبد الدهر واسمه سيبقى خالداً بذاكرة الأجيال.
واعتبر نائب نقيب الفنانين هادي بقدونس أن رحيل عبد الحميد شكل خسارة كبيرة لسورية وللوطن العربي، منوهاً بأعماله الفنية الكبيرة.