الثقافة والتربية.. شراكة ضرورية لتعزيز القيم والانتماء وحماية الهوية الوطنية

الثقافة والتربية منظومة متكاملة لا تتجزأ وهي التي تعد الإنسان القادر على حماية هويته ووطنه وانتمائه، فلا بد من السعي للعمل من أجل تكاملها وتنميتها بشكل انتقائي يضمن مستقبل الجيل وحماية الهوية الوطنية.

وزير التربية الدكتور محمد عامر المارديني بين في تصريح لـ سانا أن الأجيال الجديدة بحاجة لتعزيز الثقافة ولا سيما التي تخص التربية، فلا بد من تعاون الأسرة وعودة سيطرتها وتلافي التعليم الذي يخلو من الثقافة التربوية وعودة هيبة التعليم من خلال أولوية الثقافة والاهتمام بالنخب والحذر من الآثار الأخرى التي يمكن أن تسببها المنظومة الإلكترونية مع الوضع الاقتصادي.

الحرب التآمرية على سورية ومعها الحصار أثرا كثيراً وفق الدكتور المارديني وهذا ما يجب الانتباه إليه مع السعي إلى الاهتمام بالعملية التبادلية بين التربية والتعليم العالي لما بينهما من عملية تكاملية، فالمدرس والمعلم أساس ثقافة الطفل وتعلقه بها، إضافة إلى مساعدة الأسرة فلا بد من الاهتمام بذلك لحماية الهوية الوطنية وعدم اقتصار التربية والتعليم فقط على الحالة الميكانيكية التي تهتم بحفظ الدرس والنجاح دون معرفة الاتجاه الذي يجب أن يخدم وينمي الثقافة الوطنية كالسابق تماماً ودعمه أكثر في ظل الظروف الصعبة.

واعتبر الدكتور المارديني أن “التربية لم تعمل في الماضي على ثقافة جامعة، ولذلك لا بد من تأهيل الطالب لمعرفة ثقافات مختلفة حتى ولو بشكل جزئي يجعله يتمكن دائماً من الوصول إلى الجوهر”، مشدداً على وجوب أن تجمع التربية بين التعليم والتثقيف للتمكن من حماية النزعة الوطنية والهوية والانتماء من معرفة التعدد والتنوع، ومن المفترض أن يدرك الطالب هويته ويحافظ عليها في ظل الحاضر المشوه.

الباحث الدكتور نبيل طعمة مدير مؤسسة الشرق للإنتاج والنشر وعضو مجلس الشعب أوضح من جانبه أن الثقافة عامل رئيس في التربية وكلما كانت مؤثرة في مناهجها تعطي أثراً وطنياً إيجابياً وتحافظ على قيمة الفكر والانتماء وتفرق بين المفيد والضار وإذا كان على سبيل المثال الشاعر يمتلك ثقافة فلا يمكن أن يقدم للمنهج التربوي نصاً مغلوطاً على أنه أدب وشعر وهو غير ذلك وهذا ما صادفناه كثيراً، فلا بد من تنمية الاختصاص الثقافي ولاسيما في مجال الأدب.

مدير تربية ريف دمشق ماهر فرج أكد أن التربية والثقافة صنوان مترابطان بشكل وثيق حيث تلعب التربية دوراً مهماً ومحورياً في حماية التراث والثقافة وبناء حضارات الشعوب وتعزيز قيم الانتماء، كما تقوم التربية من خلال فلسفتها بتحديد محتوى المعارف والمهارات والسلوكيات التي تشكل ثقافة المجتمع ونمط الحياة الاجتماعي، إضافة إلى تأثيرها الكبير في حياة المتعلمين الذين ينتقلون من مرحلة الوعي إلى الممارسة وصولاً إلى السلوك الثقافي والاجتماعي.

ورأت مديرة تطوير المناهج في وزارة التربية الدكتورة نادية الغزولي أن الدور الثقافي للمناهج يشكل وثيقة شاملة توجه نظام المناهج برمته، ويقوم على توجهات سياستنا الوطنية والتربوية وينقل رؤيتنا التربوية بمعايرة الجودة التي تمتلكها المنظومة الثقافية للتربية وتتضمن القيم التي يقوم عليها نظامنا التربوي، مشيرة إلى ضرورة تنمية العمل الثقافي التربوي الذي يتطور من خلاله المتعلمون وضمان انتمائهم لوطنهم.

وأشارت أمينة سر اللجنة الإشرافية للبيت الوطني بشرى مسعود إلى أن البيت الوطني للقراءة والتأليف يشكل المكان الحاضن للأفكار والمشاريع المتعلقة بتنمية مواهب الأطفال واليافعين، وهو المشروع الذي تتضافر فيه جهود حكومية وأهلية بهدف توحيد الأهداف والخطط التي تساهم في ترك بصمة تربوية وثقافية لدى الجيل.

وسيضم المشروع وفق مسعود مسابقات للقراءة والتأليف موجهة للطلاب والمدرسين أيضاً، وبذلك سيتمكن من تشجيع الطلاب من مراحلهم العمرية الصغيرة على القراءة، كما سيساهم في خلق نتاج تربوي وثقافي جديد، ودفع مؤسسات المجتمع للمنافسة ودعم المشروع والمسابقات الناتجة عنه.

أماني المانع أديبة ومعدة برامج في القناة التربوية السورية بينت أن الأدب حليف للتربية ومساند لها يعمل على إكساب الفرد مهارات معرفية وسلوكية وتواصلية ووجدانية، وتوفير المعرفة، وتوسيع رؤيته للعالم، وتعزيز مهارات التفكير النقدي، وتقديم أفكار وآراء وثقافات جديدة.

كما يعمل الأدب بحسب المانع على تشكيل البعد الاجتماعي والفكري لدى الطفل وتحديداً القيم النبيلة التي تسعى التربية جاهدة لترسيخها في عقله وسلوكه، وإيجاد نماذج من خلال الأدب تساعد الطفل في تكوين الهوية داعية إلى تطوير الأعمال الأدبية للأطفال بما يتواكب والعصر، فمن أهم ما نقدمه للأجيال القادمة هو تربية ثقافية جديدة للتعامل مع الواقع المستقبلي، وتغيير نظرتنا للأدب بأنه مجرد شيء يمارس وقت الفراغ، وأن كل قراءة خارجة عن إطار المقررات الدراسية هي مجرد هواية.

وأوضح مخرج مجلة فيحاء الطفولة في اتحاد الكتاب العرب الأديب الفنان رامز حاج حسين أن الثقافة غلاف نبيل للتربية- ولطالما كانت التربية من خلال قصص الأطفال ورسومهم أفضل الطرق التي توصل الهدف التربوي والأخلاق المجتمعية النبيلة وأيضاً كانت مجلات الأطفال حمالة القيم التربوية وجسر وصل أميناً بين التربية وذائقة الطفل، لذلك تجد التربويين في كل مجال ومنبر يعتمدون الأسلوب الثقافي التعليمي كطريقة إثرائية لتلقين الأطفال ما يريدون.

وبحسب حسين كان الوعي المبكر لهذه العلاقة المتينة فحملت كتب التربية والتعليم العديد من النصوص التثقيفية كالقصة والحكاية والشعر – وتم تضمينها القيم التربوية المراد إيصالها للطفل.