نحن نواجه سياسات غربية   تتصف بالخبث والمكر واللا مبدئية  تجاه كل شيء يخص العرب

       بقلم الدكتور إسماعيل مكارم    

    تحاول أمريكا ذر الرماد في العيون من خلال محاولتها إنزال مواد غذائية كمساعدات إنسانية في سماء غزة الجريحة والمُحاصرة، بالطبع هذا يجري بالتنسيق وأخذ الموافقة من السلطات الصهيونية، ترى ألا تستطيع إدارة بايدن  أن توقف الحرب؟ بالطبع نعم ، باستطاعة أمريكا لو أرادت الإدارة الموقرة  في البيت الأبيض ذلك وبيوم واحد، وذلك حين تمتنع السلطات الأمريكية عن إرسال الإمدادات بالسلاح والذخيرة والخبرات التجسسية وغيرها من المساعدات التقنية إلى الكيان الصهيوني. أمريكا تريد أن تصطاد عصفورين بحجر واحد: من جهة تريد أن تظهر أمام العالم بأسره أنها لم تفقد بعد   الإحساس الإنساني تجاه الناس المُحاصرين ،الجياع ، المُقيمين في العراء دون سقف يحميهم، في ظل استمرار القصف الإسرائيلي البربري النازي، ومن جهة أخرى لا تريد الضغط على ربيبة الغرب (إسرائيل) وقطع الإمدادات عنها.  المرجو من هكذا سياسة هو الظهور أمام الشارع المحتج  في عواصم العالم أن أرأيتم ها هي أمريكا ترسل مساعدات إنسانية إلى غزة.   والربح الأساسي هو إقناع الناخب الأمريكي، المعارض لسياسة السطو على  حقوق الشعب الفلسطيني بالتأييد الأمريكي المطلق لإسرائيل المعتدية، بأننا  نرسل مساعدات إنسانية  إلى غزة !!.         

  من طرف آخر ترسل أمريكا بين فترة قصيرة وأخرى، ترسل موقدها  عاموس وكشتاين إلى بيروت وتعرض مغرياتها لو أن حزب الله يوقف  ضرباته الصاروخية نحو الأراضي الفلسطينية  المحتلة. غير أن الشخصيات  اللبنانية من الصف الأول والثاني قد تعودوا على وعود أمريكا الكاذبة حين         تتحقق مطالب أمريكا وإسرائيل، ويغيب الخطر على الدولة ربيبة الغرب.         السفارات الغربية في بيروت وبغداد وعمان والقاهرة وغيرها تتدخل في كل  شاردة وواردة ، حتى في شؤون البلاد الداخلية وتخترق حتى التنظيمات التي  نطلق عليها منظمات المجتمع المدني: تارة من خلال شراء بعض المتنفذين  في تلك المنظمات، وتارة أخرى في تقديم المعونات العينية على مبدأ (أطعم   الثم تستحي العين).رأينا مَن تلك المنظمات ينزل إلى الشارع كي يتظاهر        حين يكون هذا الأمر مفيدا للغرب. هذا الأمر ليس جديدا على السفارة الأمريكية نحن نذكر كيف مظاهرات الطلاب  في باريس أسقطت          الرئيس ديغول بطل الجمهورية، ومحرر فرنسا من الاحتلال النازي، وهذه لمظاهرات كانت بمباركة من واشنطن.  في زماننا الحديث نشاط  ما سمي  بالربيع العربي  في تونس وليبيا ومصر وسورية لم يكن أبدا استثناء في  سياسات الغرب منذ الحملات الصليبية حتى يومنا هذا، زد على ذلك التواجد  العسكري الأمريكي في المنطقة: في دول الخليج وفي العراق والأردن  وسورية، وإذا استثنينا تلك الدول التي يعتبر تواجد القوات الأمريكية له طابع  رسمي اي بموافقة الدولة على ذلك، فإن قواعد أمريكا في العراق وسورية  حصلت بحجة واهية ألا وهي محاربة تنظيم داعش والنصرة وغيرها، في  حين أن المواطن الأمريكي نفسه أصبح مقتنعا أن هذه التنظيمات تقف خلفها  دول  الغرب وعلى رأسها أمريكا.  حين يطالب أبناء الشعب العراقي بإنهاء  مهمة  القوات الأمريكية على أرض العراق، وحين تواجه التنظيمات الشعبية  القواعد الحربية الأمريكية  في كل من سورية والعراق، جماعة أمريكا يبكون  على ضياع الرفاهية والاستقرار .  قام الغرب بمواجهة روسيا الإتحادية في سياساته السرية والمعلنة أن روسيا  في نظر هؤلاء السادة خرقت حرمة السيادة الوطنية في دخولها أراضي  ضمن خارطة أوكرانيا. هذا الغرب نفسه كم من المرات قام بخرق حرمة دولة صربيا حين قامت طائرات الناتو عام 1999 بقصف المدن الصربية  مدينة بعد أخرى ومربعا بعد آخر، دون أي قرار بهذا الشأن من مجلس   الأمن، وذلك على مبدأ ما يحق للغرب لا يحق لغيره، زد على ذلك غزو العراق عام  2003 ،مع ما عرفته المدن العراقية من دمار وخراب وما عرفناه عن وقوع أعداد كبيرة من الضحايا والشهداء. وبعد ذلك جاء إنشاء قواعد غربية على أراضي الجمهورية العربية السورية دون أي قرار من الأمم المتحدة ودون موافقة من الدولة ذات السيادة .  كل ذلك يجري تحت يافطة محاربة الإرهاب ، في حين أن خريجي مدرسة  محو الأمية يعرفون من أين يأتي الدعم الحربي والمالي للتنظيمات الإرهابية، ومن أين يأتي العتاد إلى هذه التنظيمات، ومن أشرف على إعداد قادة هذه            التنظيمات، أدخلت عن طريق تركيا آلاف السيارات الجديدة ذات الدفع  الرباعي وأصبح لدى التنظيمات الإرهابية قوة قوية  متنقلة تعبر الصحراء، حتى أن الغرب قد استثمر في الأوساط التي حسبت حتى عام 1991        على الإتحاد السوفييتي. أنا لا أعمم، ولكن الواقع يدل على أن مجموعة ليست  قليلة من قوى  اليسار صدقت بما جاء به ما سمي بالربيع العربي  وشاركت بما سموها زورا ثورة، وها هو الشعب السوري اليوم يكتوي بنارين نار             الخراب والدمار مما  أوجدتهما  ما سميت ثورة، ونار الحصار الغربي   الأمريكي ضد المصالح السورية والاقتصاد السوري. حين يكتب واحد ممن  رفضوا المشاركة في معاقبة الوطن ، تأتيه التعليقات والانتقادات من كل              العواصم حيث استقر رعيل من تركوا سورية بعد أن وافقوا على تدميرها  وبعضهم ربما قد شارك بذلك.  لهذا السبب ولغيره قمت بتدوين النص التالي:       

      

غياب صوتي أمر مستحيل

       وُعِدتُ بالرفاهيةِ

       والعيشِ الرّغيدِ ،

       همسوا في الرسائلِ ،

       وأكثروا

       في طرح الوعودِ :

      ” لماذا لا ترغب

       بإيجاد مكان ٍ هادئ

       تحت الشمسِ ِ ،

       أ نسيتَ ما فعلَ

       أولئكَ

        في غرف ِ المُساءَلة ِ

        قبلَ أول أمسِ ِ؟ “

         كلُّ الذي تقولونه

         لغوٌ ….

         إنّ غياب صوتي

          أمرٌ مُستحيلْ .

           طمئنوا مَن يوشوش

            في آذانكم ،

            أنّ نارَ مَوقدي

           لا زالت قوية ً ،

              طمئنوا من يَعدكم بالنصر

              أنه واهمٌ، واهمْ ،

               بلغوه: أنّ النصرَ

               في عزم الرّجال ِ

               أمرٌ مُحتم ٌ

               وليسَ في رَنين الدّراهمْ !!

                طمئنوا الذين بينكم

               ويدعون الرّجولة

               أنّ صوتي سَينازلْ

               وأنني حتى آخر نبضٍ

               في فؤادي سَأقاتِلْ ،

        فَوالله

        لن أعاقبَ وطناً

       عشتُ له ُ ،

       وعاش فيهِ

        أهلي

        وأعمامي

        وأجدادي.

        طمئنوا الذين بينكم

        ويدعون الرّجولة

        أنني باق ٍ

        إلى آخر يوم ٍ

        لنصرة ِ قضيةٍ

        تسمى − الوطن .

        بلغوا تلك الرّياح العاتية

        أنّ تحتَ الرّمادِ جذوة ٌ

         مازالت تشتعل ،

         وأنّ ذاك الجندي ،

         ابن البلد

         لن يرميَ الرّاية

         ففي صدرهِ حكاية حبٍ

         لفتاة ٍ ودعته

        وما زالت تنتظر .

        بلغوا من وعدكم بالنصر ،

        قولوا له :

       أنّه ُ واهمٌ، واهمْ .