الشاعر منذر يحيى عيسى لـ سانا: النقد والأدب متلازمان وهناك حضور مميز لأدباء شباب في القصيدة الكلاسيكية

الأديب منذر يحيى عيسى شاعر كتب في مختلف الأشكال وأضاف إلى موهبته البحث الأدبي فتميز بالواقعية والصدق وتصوير الواقع، من خلال حرصه على الحداثة التي ترتكز على الأصالة والانتماء.

وفي تصريح لـ سانا قال عيسى: رغم ما يتراءى لنا من فوضى وتداخل في المشهد الثقافي، وخصوصاً الجانب الإبداعي، يمكنني القول إن في هذه الفورة الثقافية، إن صح التعبير، جوانب مشرقة ومبشرة لأقلام تخط طريقها بثقة واقتدار، وخلفها مواهب حقيقية، ولم تلق حقها من الرعاية، وهنا للنقاد الدور الأساسي في متابعتها وكذلك وسائل النشر الرسمية، وليست صفحات وملتقيات ومنتديات فيس بوك.

وأوضح عيسى أن هذا الكم الهائل من المواد الأدبية التي تنشر في الفضاء الأزرق أو ورقياً، لا بدّ وأن تفرز نوعاً جيداً، يصب في نهر الإبداع الحقيقي، وهذا أمر طبيعي، رغم ما نراه من نظرة غير موضوعية من قبل بعض من لهم خبرتهم في الأدب والإبداع، فالحياة استمرارية وهي مثل نهر يجري.

وتابع عيسى: تتراوح نصوصي الشعرية بين الطويلة والطويلة جداً وتأخذ نفساً ملحمياً، وهذا يتم تحت تأثير فكرة تسيطر على مساحة تفكيري لعدة أيام ولا أقترب خلالها من الورق، حتى أصل إلى مرحلة أشعر فيها بما يدفعني للاستقرار خلف مكتبي مع القلم، وتتالى بعدها الأفكار التي أوسدها مفردات وجملاً على بياض الوقت والذي يجيء دفعة واحدةً كغيمة مثقلة بالمطر تهمي على الأرض دقيقة واحدة وتغادر.

أما فيما يتعلق بالدراسات والأبحاث، حسب عيسى، فهي تأتي تحت ضغط الإعجاب بقراءة منجز ما، وقد أتعمد هذا النمط من الكتابة، كمحاولة للإصغاء على هذا المنجز، وأسمي هذا النمط من الكتابة المتحرر من مصطلحات النقد الأكاديمية مشاغبات نقدية، وقد تعددت هذه الكتابات بحيث إن تجميعها في كتاب أصبح ملحاً.

ورأى الأديب عيسى أن ضغط العولمة أدى إلى ظهور أجناس جديدة بدءاً من قصيدة التفعيلة في أواخر أربعينيات القرن الماضي، وحتى ظهور قصيدة النثر في الستينيات، وظهور القصة القصيرة جداً وكذلك الومضة الشعرية، وقد أدى ذلك إلى تداخل بنى الأجناس التي لا نقول إنها مستحدثة، فهي تملك جذوراً في أدبنا العربي.

وأشار عيسى إلى أن التجديد أمر حيوي ويتناسب مع منطوق الحياة وقوانين الطبيعة، وهذا يمتد بقوة إلى الأدب الذي هو التعبير الصحيح عن مسيرة الحياة والعلاقات الاجتماعية.

وقال عيسى: التربية المنزلية والحاضنة الأولى والقراءات الأولى، جعلتني أجرب القصيدة الكلاسيكية والتي ابتعدت عنها بعد محاولات لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، إلى كتابة التفعيلة التي لا أتعمدها ولكنها تظهر أو تطفو على سطح نصوصي بمفردها، ووجدت نفسي في قصيدة النثر والتي بلغ مجموع ما أنتجه ثماني مجموعات، وبرأي النقاد والمتابعين إن لي بصمة خاصة في الساحة السورية بقصيدة النثر، وأنا أسير إلى ترك أثر في ذلك دون ضجيج، ولا أفتعل معركة مع الشعراء والكلاسيكيين، بحيث إنني أنفي صفة الشعر عن منجزي الأدبي وخصوصاً على المنابر وأنا مقتنع بذلك، فتعريف الشعر لا ينطبق على قصيدة النثر، كما وجدت نفسي أخيراً وأنا أكتب دراسات تحت عناوين مختلفة في حقول “الأدب – التربية – السلوك والاجتماع والبيئة”.

وأكد عيسى أن النقد والأدب متلازمان، فللنقد دور مهم في ارتقاء الأدب، ويعتبر صمام الأمان، وهو الذي يقوّم ويصحح مساره ويحيط اللثام عن مواطن الجمال ويشير إلى الثغرات، ويضبط مساره.

ورأى عيسى أن إغراق النقاد بالمصطلحات النقدية يخرج دراستهم بشكل مفرق بالإبهام ولا يؤدي الغرض من النقد، أو باللجوء إلى السطحية والمجاملة التي تفسد القراءة، داعياً النقاد إلى إعادة النظر بمواقفهم من التجديد، وتناول التجارب الحديثة.

وعن حضور الشباب الثقافي قال عيسى: من خلال متابعتي لما ينشر ورقياً وعلى صفحات التواصل الاجتماعي يمكنني القول: إن هناك حضوراً مميزاً للشباب وهناك أصوات على حداثة سنها تخط طريقها بجدارة وخصوصاً في مجال القصيدة الكلاسيكية وسيكون لها شأن مستقبلاً، نرى ذلك من خلال نوادي الشباب التي شكلها اتحاد الكتاب العرب والفروع، ومن خلال المسابقات التي تجري مركزياً وفرعياً وقد شجعهم الاتحاد من خلال نشر إبداعهم في دورياته، وبالحوافز المادية من خلال المسابقات.

يذكر أن الأديب منذر يحيى عيسى رئيس فرع طرطوس لاتحاد الكتاب العرب، وهو عضو جمعية الشعر في الاتحاد، ومن منشوراته في الشعر “رايات سوداء لها شكل الفرح” و”الدخول في مدار الياسمين” و”تحولات القلب” و”حالات لعصف القصيدة” و”عابر إلى ضفة أخرى” و”لا توقظوها.. حالمة”.

وفي الدراسات “نديم محمد شاعر الألم والكبرياء” وأوراق الوداع – عن الراحل الشيخ يحيى حسن عيسى ونديم محمد، الشاعر المتمرد، ووحيداً ستمضي- مجموعة شعرية فائزة بجائزة الشعر نبض الحياة دورة الشاعر عبد الجبار الفياض عام 2022، وبارقات تومض في المرايا، وغيرها كما شارك بمهرجانات وندوات ثقافية وأنشطة أدبية كثيرة.