فقدت الساحة الثقافية والفكرية والفنية عام 2023 مبدعين سوريين وعرباً مهدوا دروباً ثقافية أسهمت في تشكيل الوعي الثقافي والفكري وتأثر في إبداعهم وأفكارهم التي صاغوها جمهور واسع ليكون إرثهم بصمة مميزة في سورية والوطن العربي.
وشكل رحيل هؤلاء المبدعين خسارة للوسط الثقافي العربي والسوري، حيث شهدت الساحة التشكيلية خسارة العديد من مبدعيها الذين أغنوها بأعمال فنية ستبقى خالدة في ذاكرة الجمهور على مساحة الوطن العربي وهم صاحب المسيرة الفنية الغنية بالجوائز الفنان التشكيلي زهير حضرموت عن عمر ناهز 73 عاماً، والتشكيلي والنحات فؤاد نعيم عن عمر ناهز 68 عاماً الذي
جسد خلال مسيرته التراث الفكري والتاريخي والشعبي، إضافة إلى صاحب المسيرة الحافلة بالإنتاج النحتي والأعمال النصبية الكبيرة النحات عبد الرحمن مؤقت عن عمر 77 عاماً.
كما فقد التشكيل السوري صاحب اللوحات التي حملت فكراً عميقاً وثقافة عالية الفنان التشكيلي أيمن الدقر عن عمر 69 عاماً، إضافة إلى أحد رواد الفن التشكيلي السوري صاحبة الخمسة عقود من الإبداع الفنانة ليلى نصير عن عمر 82 عاماً لتتوالى الخسارة برحيل الفنان الفلسطيني صاحب الأعمال النضالية إبراهيم مؤمنه ورئيسة فرع طرطوس لاتحاد الفنانين التشكيليين سعاد محمد عن عمر 58 عاماً التي كان الفن بالنسبة لها الجمال الذي تسعى له في كل مكان وركن تعيش فيه.
من أبرز الراحلين لهذا العام الفنان التشكيلي والإعلامي مروان شاهين، بعد مسيرة طويلة عمل خلالها على “التعبير عن الجمال حيثما وجد، إضافة إلى الفنان التشكيلي والخزاف رأفت الساعاتي عن عمر ناهز 83 عاماً الذي يعد أحد الفنانين القلائل الذين اكتشفوا منذ أكثر من أربعة عقود أسرار وجماليات التعامل مع القطع الفنية الخزفية.
وتتوالى الخسارات في المشهد الثقافي والأدبي ليرحل عن عالمنا عدد من الأدباء والقاصين والشعراء الذين أغنوا المكتبة العربية بمؤلفاتهم وإبداعاتهم، وهم القاص والأديب محمد نديم الذي يعتبر من رواد القصة القصيرة والأدب والإخراج المسرحي، إضافة إلى أحد أعلام الترجمة والثقافة العربية الكاتب والمترجم رفعت عطفة بعد أربعة عقود من المنجز الفكري أغنى بها المكتبة العربية بمؤلفات وترجمات نقل من خلالها روائع الأدب الإسباني والأمريكي اللاتيني إلى العربية.
ومن شعراء الحداثة التي رحلت هذا العام الأديب والشاعر نذير العظمة عن عمر ناهز 93 عاماً الذي يعد من أوائل الشعراء الذين كان لهم دور في تطوير القصيدة العربية الحديثة، والكاتب والمترجم نزار عيون السود عن عمر ناهز 78 عاماً بعد مسيرة عطاء امتدت على مدار خمسة عقود في حقل الترجمة والإبداع.
ومن أبرز الراحلين لهذا العام رئيس تحرير مجلة المعرفة الأديب ناظم مهنا عن عمر ناهز 63 عاماً الذي اشتهر بكتابة القصة التي احتلت الحصة الأكبر ضمن إبداعاته، إضافة إلى الكاتب والأديب حيدر حيدر عن عمر ناهز 87 بعد رحلة حافلة بالإبداع والنضال الثقافي والسياسي الوطني تاركاً أثراً كبيراً في الثقافة العربية والعالمية.
كما خسر الوسط الثقافي العربي الأيبة الفلسطينية سلمى الخضراء الجيوسي بعد مسيرة زاخرة بالعطاء الأدبي في الشعر والبحث والترجمة التي عرفت بمواقفها النضالية ليخسر الأدب الملتزم الأصيل الروائية سهام ترجمان عن عمر ناهز 91 عاماً التي كانت رائدة من رائدات الثقافة والإبداع في سورية والوطن العربي، ليضاف إليهم الأديب والناقد المسرحي عبد الفتاح قلعه جي عن عمر ناهز 85 عاماً بعد مسيرة أدبية حافلة بالإنجازات المسرحية والقصصية والروائية والشعرية.
كما شهدت الدراما السورية خسارة العديد من نجومها وعمالقتها الذين ساهموا في إثراء الساحة الفنية تاركين وراءهم رصيداً مهما من الأعمال التي خلدت أسماءهم في ذاكرة الجمهور، وهم الفنان القدير فائق عرقسوسي عن عمر يناهز 69 عاماً الذي عرف في الوسط الفني بأدواره المتميزة، ليودع الوسط الفني الفنان المبدع محمد قنوع عن عمر ناهز 49 عاماً الذي شكل رحيله مفاجأة للجمهور السوري، إضافة إلى الممثل محمد خرماشو عن عمر ناهز 71 عاماً الذي اشتهر بدبلجة العديد من الأفلام الكرتونية والسينمائية ليكون رحيل الفنان شادي زيدان عن عمر 49 عاماً خسارة جديدة للدراما السورية.
كما ودعت الساحة الفنية شيخ كار الإخراج هشام شربتجي عن عمر 75 عاماً الذي نسج برحيله آخر حكايات بطل من هذا الزمان ليطوي بعده رحيل أسامة الروماني عن عمر 81 عاماً مسيرة أحد أعمدة الدراما والمسرح في سورية، إضافة إلى الفنان والمخرج المسرحي رضوان جاموس عن عمر ناهز 62 عاماً والذي كانت له بصمته الخاصة في الدراما والمسرح، والفنان القدير سعيد عبد السلام عن عمر ناهز الـ 84 عاماً، الذي يعتبر أحد أشهر وجوه الشاشة السورية، والممثل والريجستير عبد الله حصوة وغيرهم.
وبعد مسيرة إبداعية حافلة تجاوزت نصف قرن لبعضها ودعت الساحة الغنائية والموسيقية واحداً من أهم القامات الموسيقية ومجددي التراث الموسيقي العربي حسين نازك عن عمر ناهز الـ81 عاماً لتتوالى خساراتها في رحيل أحد أهم ملحنيها الموسيقار الكبير أمين الخياط عن عمر ناهز الـ 87 عاماً الذي أخذ بيد الكثير من المطربين والمطربات ليغدو رقماً صعباً في عالم التلحين والتأليف الموسيقي، ليضاف إليها صاحب الإبداع والمؤلفات وأحد ناشري الموسيقا التراثية المايسترو نوري الرحيباني عن عمر 92 عاماً، ليأتي رحيل الموسيقي الدكتور وائل النابلسي عن عمر ناهز 47 عاماً الذي أنجز خلالها العديد من المؤلفات الموسيقية خسارة لا تعوض.
وأتى رحيل الموسيقار العالمي نوري اسكندر عن عمر 85 عاماً الذي عمل طوال مسيرته الفنية الغنية التي تجاوزت 60 عاماً على نقل التراث السوري الموسيقي الشفوي إلى لغة سمعية وحفظها من الاندثار خسارة كبيرة للموسيقا على مساحة الوطن العربي.
كما فقدت الساحة الغنائية العربية الفنانة العربية نجاح سلام عن عمر ناهز 92 عاماً التي شكلت بما قدمته من إبداع جزءاً من ذاكرة جيل بأكمله، وهي تمثل الزمن الجميل إضافة إلى الشاعر الغنائي كريم العراقي عن عمر ناهز الـ 68 عاماً بعد أن أغنى الفن بشعره وفنه.
رحيل العديد من المفكرين والمثقفين والمبدعين في مختلف صنوف الثقافة والفكر والأدب والفن لا شك أنه خسارة كبيرة للحياة الثقافية في سورية لكن تبقى أعمالهم ومنجزاتهم خالدة تتناقلها الأجيال وتنهل منها، ناهيك عن أن سورية ولادة بمبدعيها ومفكريها القادرين على إكمال مسيرة العطاء الخلاقة في الحياة الثقافية السورية والعربية والعالمية.