الاقتصاد الصهيوني وباب المندب ؟!.

أ.د: حيان أحمد سلمان

أصبح اليمن في مركز الاحداث العالمية بعد البدء بتنفيذ إجراءات ( انصار الله ) بتشديد الحصار البحري الاقتصادي على الكيان الصهيوني، وتحولّ اليمن إلى ( قلب العالم ) كما قال الاقتصادي الأمريكي ( روبرت كابلان ) في كتابه ( انتقام الجغرافيا ) سنة /2013/، وتجسد هذا في منع السفن الصهيونية وغيرها التي تحمل سلع إلى الكيان من المرور في البحر الأحمر ،وأرسل اليمن الحبيب ( سيوفه اليمنية المصقولة ) عبر صواريخه وطائراته المسيرة لمنع وصول السفن التي تحمل الموت لأطفال فلسطين، وتؤكد الدراسات ان اول سيف صنع في اليمن الحبيب  من الحجارة لمواجهة الوحوش البرية في العصور القديمة مثل ( النمر السيفي) و( الفيل العملاق ) ذو الناب المستقيم الحاد ، وها هم الان يواجهون الوحوش ومصاصي الدماء الداعمين للكيان الصهيوني ليؤكدوا على أن ( التفاوت التكنولوجي ) يقل بين دول الطغمة المالية ومحور المقاومة . علما ان الكيان الصهيوني تأسس ليكون قاعدة متقدمة لليبرالية المتوحشة ولكن ما بعد طوفان الأقصى ليس كما قبله ، وسقطت مقولة الجيش الصهيوني الذي لايقهر .  تغير اليمن الذي كان يعيش على مساعدة الاخرين وهو بلد الخير وأصبح يفرض شروطه في الساحة الإقليمية والعالمية ، وهنا نقول لشاعرنا اليمني الكبير المرحوم ( عبدالله البردوني 1929-1999 ) زرعت فحصدت عندما وصفّت واقع اليمن وأنت تعرف مكامن قوته  بأن ( الايمان يمان والحكمة يمانية )  وقلت [ هذه كلها بلادي وفيها كل شيء إلّا أنا وبلادي … وهل تدريـن يـا صنعـاء مـن المستعمـر السـري ، غــزاة لا أشـاهـدهـم وسيف الغزو في صـدري ، فقـد يأتـون تبغـا فــي سجائـر لونهـا يـغـري …وفـي قنينـة الويسكي وفـي قـارورة العـطـر .. غـزاة اليـوم كالطاعـون يخفـى وهـو يستشـري) ،واليمن ببابه مضيق ( باب المندب ) الذي لايتجاوز عرضه /32/ كم2أصبح وكأنه ( قلب العالم ) ويهدد مراكز الليبرالية وقوى الاستكبار العالمي، فهل لكل شيء من اسمه نصيب فكلمة ( مندب ) في اللغة العربية القديمة ( الدبابة ) أي الشيء الضخم أو القوي، نعم إنه قلب العالم من خلال ( دكتاتورية الجغرافيا واستقلالية القرار) فهو [ يفصل بين قارتي اسيا وأفريقيا وتحديدا بين اليمن وجيبوتي وصلة وصل بين  البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي والمحيط الهندي والقارة الاوربية وشرق افريقيا ،  وبين البحر الأبيض المتوسط والاحمر ومنافذه البحرية تطل على  إريتريا والسودان ومصر وفلسطين والأردن و السعودية قناة السويس ومضيق هرمز]  وتاريخيا كان محل الصراع والتنافس بين الامبراطوريات القديمة ، وعبره يمر يوميا  أكثر من /20%/ من التجارة العالمية و/30%/ من شحنات الغاز الدولية  وأكثر من /4/ مليون برميل نفط ، ومن باب المندب تعطل عمل ميناء (إيلات الصهيوني على البحر الأحمر ) وهو ميناء ( أم الرشراش العربي قبل الاحتلال ) ويعتبر الميناء الصهيوني الأساسي للصادرات والمستوردات الصهيونية بموقعه كنقطة وصل بين  الحدود المصرية والاردنية والسعودية،  وبجانبه سكة حديد تخدمه ، ويشكل مع قناة ( بن غوريون ) التي يخطط الكيان الصهيوني لإنشائها تهديدا حقيقيا لقناة السويس ،وعبر مرفأ ايلات يتم نقل السلع الصهيونية إلى ( المحيط الهندي ) دون المرور بقناة ( السويس ) وبالتالي إلى دول (الشرق الأقصى وخاصة اليابان والهند والصين ) والتي تستوعب أكثر من /35%/ من التجارة الخارجية الصهيونية ، كما تستقبل ( ايلات أي أم الرشراش )  سنويا اكثر من مليون سائح يمولون /  80% / من مداخيل المدينة ،وإغلاق الميناء سيزيد من التكلفة الاجمالية للتجارة الخارجية الصهيونية بنسبة تزيد عن /14%/ وسيرفع الأسعار أكثر من /30% حسب المصادر الاقتصادية الصهيونية، وخاصة أن ( ايلات ) هي منذ /1985/ منطقة حرة تتمتع بكل الإعفاءات المالية وخاصة رسوم الاستيراد والتصدير، وهنا نسأل كيف سيكون الحال إذا تم استهداف الميناءين الآخرين على البحر الأبيض المتوسط وهما ( حيفا وأشدود ) ؟،عندها سيتم الحصار البحري الكامل على الكيان لأن /98%/ من التجارة الصهيونية عبر البحرين الأحمر والأبيض ، وستزداد الاضرار إذا ترافق هذا مع اغلاق الحدود البرية  للكيان مع بعض الدول العربية وتم تطبيق ( المقاطعة العربية للكيان الصهيوني ) كما اقرت جامعة الدول العربية سابقا ، فهل تحرك رمال باب المندب الزوابع والاعاصير الاقتصادية تحت أقدام الغزاة زعماء الطغمة المالية العالمية وقاعدتها الكيان الصهيوني ؟!، ويساعد هذا في نشوء نظام عالمي جديد بانهيار الامبريالية الامريكية التي وصفها القائد الصيني ( ماو تسي كونغ ) بأنها ( نمر من ورق ) وعندها يمكن تطبيق مبادئ الشرعية الدولية الغائبة  والعدل بقوة القانون وينتهي الظلم والاستعمار والاحتلال،  وكما قال السيد الرئيس ( بشار الأسد ) في القمة ( العربية الإسلامية ) في السعودية سنة /2023/  بأنه[ لا وجود لشريك ولا لراع ولا لمرجعية، ولا لقانون، ولأنه لا يمكن استعادة حق، والمجرم أصبح قاضياً، واللص حكماً وهذا هو حال الغرب اليوم] .

دمشق 14/12/2023