صحفيو غزة: نلملم شظايا حزننا ونكمل الرسالة

“نحبس دموعنا وتتوجع قلوبنا.. نلملم شظايا حزننا لنكمل الرسالة.. ليس أمامنا إلا أن نصمد لا أن نصمت.. هدفنا إيصال الرسالة إلى العالم أجمع.. الاحتلال الإسرائيلي يقتل أهالي غزة ولا يجب أن تمر جريمة قتلهم بصمت”.

هذه هي حال الصحفيين في القطاع المنكوب الذين يشاهدهم العالم كيف يحبسون دموعهم أمام رؤية أبنائهم وعائلاتهم شهداء، جراء قصف طيران الاحتلال الذي يتعمد منذ بدء عدوانه على القطاع في السابع من الشهر الجاري استهداف الصحفيين وعائلاتهم، في محاولة لإسكات صوت الحق الذي يحرص الصحفيون على وصوله إلى كل أصقاع الأرض.

“حياتك أهم من الخبر” إحدى قواعد العمل الإعلامي حيث يحمل الصحفيون كاميراتهم ويوثقون ما يخلفه العدوان من شهداء وجرحى ودمار وخراب، لإيصال ما يستطيعون من جرائم الاحتلال ووحشيته ليراها العالم، لكن هذه القاعدة وهذا المفهوم المهني لا ينطبقان على الوضع في فلسطين المحتلة وبشكل خاص في قطاع غزة، حيث لا يمكن فصل الحياة الشخصية عن الهوية الوطنية والانتماء، ليقدم 34 صحفياً حياتهم شهداء إيماناً منهم بقضيتهم، والتزاماً منهم بمبادئ مهنة المتاعب في كشف ونقل جرائم الاحتلال ومجازره المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني.

الاحتلال لم يكتف بقتل الصحفيين لإسكات صوت الحقيقة، بل استهدف عائلاتهم في المنازل وفي مراكز الإيواء، حيث ارتقى سبعة صحفيين برفقة عائلاتهم، بينما فقد آخرون عدداً من ذويهم من بينهم المصور معتز العزايزة الذي فقد 25 من أفراد عائلته، كما استشهد وأصيب العشرات من أهالي الصحفيين ورغم ذلك لم يتوقف هؤلاء لحظة عن التغطية، متحاملين على أوجاعهم لمواصلة عملهم من أجل نقل أوجاع الآخرين ليسمعها العالم.

عند بدء العدوان كانت وسائل الإعلام الموجودة في القطاع تعمل من مكاتبها في غزة، إلا أن قصف الاحتلال الإسرائيلي المكثف الذي دمر أبراجاً عدة أجبرهم على المغادرة جنوباً، رغم أن قصف الاحتلال لا يوفر أي منطقة.

مئات الصحفيين استقروا في مدينة خان يونس في خيم نصبت في باحة إحدى المستشفيات لتشكل قاعة للتحرير نهاراً ومأوى ليلاً، حيث تعج باحة المستشفى برجال ونساء يرتدون سترات واقية من الرصاص كتب عليها صحافة بالإنكليزية، ويضعون خوذات على رؤوسهم، فيما تتكرر عمليات القصف الذي يستهدف كل ما يتحرك في القطاع.

هذه حال الصحفيين في غزة الذين يكفل لهم القانون الدولي والمواثيق الأممية الحماية وحرية العمل، وهي لا تختلف عن حال 2.3 فلسطيني يتعرضون للقتل اليومي أمام الشاشات، فيما تمنع الولايات المتحدة والغرب الجماعي مجلس الأمن من اتخاذ قرار بوقف العدوان تنفيذاً لمسؤولياته في حفظ السلم والأمن الدوليين ورفع الضيم عن الشعوب الواقعة تحت الاحتلال، لكن هيهات.. فهذا لن يتحقق في عالم تحكمه شريعة الغاب، وتكون الغلبة فيه للأقوى وليس لصاحب الحق.