قراءات في كتاب (القصيدة القصيرة جداً) للناقد يوسف حطيني في اتحاد الكتاب العرب

تضمنت الندوة التي أقامها اتحاد الكتاب العرب اليوم وشارك فيها عدد من النقاد والأدباء قراءة وآراء في كتاب “القصيدة القصيرة جداً” للناقد يوسف حطيني، وما قدمه من رؤى أدبية ونقدية جديدة في الشعر.

وأوضح الناقد حطيني في بداية الندوة أنه تناول في كتابه القصيدة القصيرة جداً مراحل الشعر من العصر الجاهلي مروراً بالعباسي وصولاً إلى العصر الحديث، وما احتوته من ظواهر جمالية وفنية، إضافة إلى أنواع الشعر التي ابتكرت ملتزمة بأصول ومكونات الشعر الحقيقي.

وبين الناقد الدكتور أحمد علي محمد أن محاولات الناقد صاحب الكتاب لم تكن إلا تغيير وجهة نظر ما بعد الحداثة العربية من الغرب إلى الشرق وتغيير بوصلة الشعر العربي، لافتاً إلى أن الحداثة الشعرية العربية نجمت عن مخاض عسير تمثل في النزوع إلى التحديث في زمن لم يكن المجتمع العربي قد دخل مرحلة الحداثة التي تقضي بالتخلي عن القيم الموروثة لمواكبة الحضارات الغربية بما ترمي إليه.

وأشار الدكتور محمد إلى أن الشعر الحداثي واجه تحديات كثيرة في هذا المجال، أبرزها عدم تخلي الذوق عن الإيقاع الشعري القديم الذي مثل تراثاً أسهمت المؤسسات التعليمية في تثبيته في نفوس الناشئين، لذلك واجهت قصيدة النثر مشكلات تتصل بالتقبل الأدبي الذي ألف تلقي الشعر في صورته الإيقاعية.

بدوره أوضح الأديب علي الراعي أن الدكتور حطيني خلال رصده جذور القصيدة القصيرة جداً  تحدّث فصولاً عن قُصارى القول من الأشكال الشعرية الأخرى مثل: قصيدة النثر، وقصيدة “الهايكو” وغيرهما.

غير أن حطيني حسب الأديب الراعي  في مُصطلحه اللافت والجديد “القصيدة القصيرة جداً”  يقصره على القصيدة العروضية دون غيرها، فهو يقول بالحرف: “لابدّ من التأكيد أولاً أنّ الإيقاع الشعري العروضي، أهم شروط الانتماء إلى القصيدة القصيرة جداً، وهو الشرط الذي يُقابل الحكائية في القصة القصيرة جداً، إنه شرطٌ أساسي لازم لكنه غير كافٍ لانتمائها إلى هذا الفنّ، بمعنى أن توافره لا يضمن نجاح النص، وعدم توفره في النص يُخرجه من دائرة الشعر”.

وأشار الراعي إلى ضرورة عدم اقتصار الأدب على القصيدة القصيرة جداً لأن هناك أدباء كتبوا القصة القصيرة جداً، وكانت ناجحة، ومنهم على سبيل المثال رياض صالح الحسين  وأنطون تشيخوف وآخرون.

من جهته الناقد الدكتور نزار بريك هندي عاد إلى تأصيل المصطلح بداية من التراث، مبيناً أن ابن رشد فرق بين القصيدة القصيرة والقصيدة الطويلة ووضع مواصفات خاصة لكل منها تتعلق بالموضوع وبموهبة الشاعر والحالات الشعرية.

وانتقل الدكتور هندي إلى الأدب الغربي، حيث ميز بين اتجاهين الأول هو موقف “أدغار آلان بو” الذي يعد الشعر كله قصيدة قصيرة ولا يعترف بوجود القصيدة الطويلة، معتبراً أن كل قصيدة طويلة مجموعة من القصائد المتراكمة، والاتجاه الثاني هو موقف “هربرت ريد” الذي لا يعترف بالقصيدة القصيرة كعمل إبداعي، ولا يعد الشاعر مبدعاً إلا إذا كتب القصيدة الطويلة الملحمية.

ولفت هندي إلى أن عز الدين اسماعيل أول من تحدث عن القصيدة القصيرة في عصرنا الحديث.

وفي تصريح لمراسل سانا قال رئيس اتحاد الكتاب العرب الدكتور محمد الحوراني: إنه من الضروري تسليط الضوء على كل ما يطرح من أسس أدبية ونقدية تمتلك منظومات ثقافية لنصل إلى حقيقة أهمية الأدب العربي وتراثه الأصيل الذي حقق استمراراً عبر التاريخ.

وفي الندوة التي أدارها الإعلامي ملهم الصالح وقدم فيها لمحات انطباعية عن أفكار الكتاب قام عدد من النقاد والأدباء بمداخلات مختلفة أغنت الموضوع وفكرته.

وفي الختام وقع الناقد حطيني كتابه كهدايا إلى الحضور.