أم رامي والدة الشهداء الأربعة: سورية وطن تليق به التضحيات

تطيل السيدة سناء أحمد (أم رامي) النظر في صورة معلقة على جدار غرفة الجلوس في منزلها جمعت أبناءها الأربعة الذين ارتقوا شهداء في سبيل الوطن، أبناءها الغائبين عنها جسداً، والحاضرين في مختلف تفاصيل حياتها، ربتهم على حب الوطن والتضحية لأجله والاستبسال في الدفاع عنه، فكان حصاد ما زرعته وفيراً وغنياً، فدماؤهم الطاهرة سقت ثرى الوطن لتبقى سورية أبية شامخة وعزيزة.بمناسبة عيد الشهداء أكرم من في الدنيا وأنبل بني البشر، زارت مراسلة سانا منزل السيدة أم رامي وتشرفت بلقاء والدة الشهداء (حسن ورامي وباسل وعلي) غسان سليمان من قرية تل وعاوع في ريف صافيتا بمحافظة طرطوس، والتي يفضل أهلها مناداتها بأم الشهداء.لم يخل حديث أم رامي من عبارات الفخر والاعتزاز الممتزجة بألم الفراق ومرارته لتبدأ حديثها بأن “الوطن يستحق كل التضحيات ليبقى بلد الأمان والسلام والمحبة والخير”.بلوعة الفراق والصبر والاعتزاز بشهادة أبنائها، تقول أم رامي: “في عام 2012 ارتقى أول شهيد من أبنائي حسن سليمان في محافظة القنيطرة، وهو طالما أكد لها أنه سيعود إليها ملفوفاً بالعلم فكان له ما أراد، ورغم ألم الفراق استقبلته بزغاريد الفرح، وعلى أكتاف رفاق السلاح حمل نعشه الطاهر تاركاً ابتسامة محفورة في قلبي وآخذاً معه محبة أحبائه ورفاقه”.وتتابع أم الشهداء: “بعد تسعة أشهر وقبل أن تجف دمعتي على ولدي حسن فقدت الابن الثاني رامي في خان العسل في حلب في 2013، وبعد سبع سنوات تم إعلان استشهاده وهو متزوج ولديه ثلاثة أولاد، لم أر جثمانه محمولاً على أكف رفاقه كما تجري العادة، لكنني أشعر به ملتصقاً بي، لم يفارقني لحظة”.

وتضيف أم رامي: “كان لي أيضاً موعد آخر مع الفراق والتضحية فداء للوطن، فبعد ثمانية أشهر ارتقى ابني الثالث باسل شهيداً في حمص وهو يقاتل الإرهابيين مع رفاقه في الجيش العربي السوري، كان باسل جندياً غيوراً على وطنه، وقدم دمه رخيصاً في سبيل عزته”.وبحرقة الفراق تعود بذاكرتها للحظات أليمة مرت بها وخاصة بعد مرور ستة أعوام على استشهاد حسن ورامي وباسل، ها هو ألم الفراق يداهمها، يختبر ما تبقى فيها من صبر، يعبث بجراحها التي لم تلتئم بعد، لقد تأججت نار اللوعة، ففي شهر تموز عام 2020 تلقت نبأ إصابة ولدها الرابع (علي سليمان)، متزوج وأب لثلاثة أولاد، إثر العدوان الإسرائيلي على مقر البحوث العلمية بدمشق، حيث بقي لمدة شهر في العناية المشددة ثم ارتقى شهيداً، استقبلته بالزغاريد، غمرته بالورود، ملفوفا بعلم الوطن.أم رامي التي قدمت شقائق النعمان الأربعة جعلت الصبر زادها على فراق أبنائها، ورفعتهم بوجدانها إلى مصاف العظماء في داخلها لأن دماءهم الزكية روت تراب الوطن، تقول أم رامي: “نحن نأكل ونعيش من خيرات وطننا الذي يستحق أن ندافع عنه ونقدم الغالي والنفيس في سبيله”، مبينة أنها غرست في أرض القنيطرة ودمشق وحمص وحلب الشهباء أربع شجرات نمت وتعاظمت أغصانها، وانغرست جذورها عميقاً في تراب الوطن الذي روته دماء الشهداء.يجتمع اليوم ما تبقى من أفراد أسرة أم رامي على الألفة والتعاون والعمل لإعالة أولاد الشهداء، وتربيتهم على الاعتزاز والفخر بتضحيات الشهداء، متمنين الشفاء العاجل للجرحى والعودة للمفقودين والصبر لأمهات الشهداء.

سانا