الفترة الهلنستية هي حصيلة الدمج ما بين الهيلينية اليونانية والشرق السوري كمفتاح لآسيا، حيث تبدأ الفترة الهلنستية من قدوم الإسكندر المقدوني إلى سورية 333 ق.م وإلى دخول الرومان في 64 ق.م.
وفي مقارنة ما بين الفترتين تناول الباحث والمحقق المهندس نهاد سمعان بمحاضرته التي دعت إليها جمعية العاديات بحمص، الحضارة السورية في الفترة الهلنستية، حيث كانت بأبهى حللها نظراً لتوفر المراجع واللغات ولبقاء جزء كبير من آثار حاضرات تلك الفترة رغم تشوه بعضها.
واستعرض سمعان تاريخ سورية قبل الإسكندر بوصفها بوابة آسيا إلى الشرق، فشكلت سومر بداية الحضارة السورية مع الكتابة لتغدو سورية الآرامية الكنعانية اللغة السياسية والتجارية بالعالم، إضافة لحضارة ماري2900 ق.م وما تختزنه من مفردات حضارية غنية وحضارة إيبلا توءم ماري ومن حضارات الغرب مدينة قرطاج وصور وصيدون، وفي الوسط 1500 ق.م ظهرت دمشق وفي الشرق حمورابي وبابل وغيرها، حيث لا تزال آثارها الحضارية شاهداً حقيقياً على عظمتها، ومنها نقش ملكي مسجل عليه معلومات عن أعظم حفل في التاريخ.
وأضاف سمعان: “إنه نتيجة الحروب السورية مع الرومان تغيرت هوية البحر السوري فأصبح بحراً للروم 109 ق.م، وأفقدت معاهدة آفاميا في زمن أنطيوخوس الثالث الكبير مع الرومان سورية إماراتها بالشرق، وجاءت المعاهدة مجحفة بحق الشعب السوري، حيث استنفدت كل قوى سورية واستبدلت العلاقات الاجتماعية التي كانت قائمة على أساس المدن المتحالفة وأصبح الحكم مركزياً لملك هو بالأساس ليس من نسيجها السكاني ويجهل الجوهرة السورية ليستطيع النهوض بالحضارة فيها، وبدأت السلطة السلوقية المركزية بالانحدار مع تقدم الرومان بالعالم.
وتساءل سمعان لماذا سورية كانت مهد الحضارات وموطن الثروة والجمال والفكر الخلاق لتكون الإجابة.. لأنها بلد الشمس والمطر والتربة الخصبة والفصول الأربعة وموطن الزيتون والقمح والكرمة والعسل، لافتاً إلى أن الإنسان السوري انتمى لمدينته ومجتمعه وليس لعقائد أو عشائر، كما خلق آلهة تناسبه وتناسب طبيعة أرضه، مثل بعل وعشتار وباخص وحدد وغيرها من الآلهة التي تثبته بأرضه، وبرع في استثمار نعم الأرض وصنع إنتاجها وصدرها للعالم، وشرع وسن قوانين تكفل مصلحة الجماعة وتكفل استمرارها وخلودها.
يذكر أن المحاضرة جاءت وفقاً للدكتور نزيه بدور رئيس فرع جمعية العاديات بحمص، ضمن افتتاح أول نشاطات الموسم الثقافي للجمعية العام الحالي بحمص.