بعد الكثير من الجدل حوله.. السياحة تحسم مصير سوق المهن اليدوية

التصدعات والتشققات التي أصابت أرضيات وجدران مبنى التكية السليمانية بدمشق، حملت معها مخاطر كبيرة على شاغليها، وهددت بانهيار هذا المعلم الأثري التاريخي المهم، وبهدف استمرار عمل حرفيي المهن اليدوية قامت وزارة السياحة بالتعاون مع وزارات الأوقاف والثقافة والصناعة واتحاد الحرفيين بتأمين موقع بديل مناسب لشاغلي المحال، ضمن مبنى التكية، من (حرفيين ومتدربين) في حاضنة دمر المركزية للفنون التراثية بدمشق.

مديرة التطوير السياحي في وزارة السياحة المهندسة راما الشيخ، أكدت في تصريح لمراسل سانا أنه يجري العمل في الحاضنة على الانتهاء خلال أسبوعين من تأمين وتجهيز المكان المناسب، لاستقبال واستيعاب 40 حرفياً كانوا موجودين في التكية، لضمان استمرار عملهم والمحافظة على حرفهم وعدم انقطاعهم عنها بسبب أعمال الترميم، حيث تحرص الوزارة على تأمين كل ما يلزم الحرفي لمزاولة عمله ضمن المكان المخصص له.وأكدت الشيخ أن الوزارة مستمرة بتقديم كامل الدعم للحرفيين في الترويج لمنتجاتهم ومهنهم وحرفهم التراثية التي يبدعون بها، وذلك من خلال المعارض التي تقيمها وتشارك فيها داخل وخارج سورية، كما يجري العمل على إدراج بند لزيارة الحاضنة بالنسبة للقادمين إلى دمشق، ضمن برامج رحلات مكاتب السفر والسياحة، إضافة إلى العمل على تشغيل خط نقل بين جسر الرئيس والحاضنة لتسهيل الوصول إليها.وعن وضع بناء التكية، أوضحت الشيخ أن الحالة الإنشائية للتكية بحاجة إلى عناية وترميم متكامل بشكل ضروري، لكون المبنى متضرراً بسبب الهبوطات الحاصلة في التربة المقام عليها، ما أثر سلباً على القباب والأقواس الموجودة فيه، وأحدث فيه تفسخات وتشققات، إضافة إلى التعرجات في أرض المبنى، الأمر الذي جعله آيلاً للسقوط، مؤكدة أنه لا يوجد أي استثمار خاص للمبنى، وأن الوقت اللازم لإنهاء ترميمه مرتبط بواقع دراسة واستكشاف التربة والأساسات المقام عليها البناء.

المدير التنفيذي للحاضنة لؤي شكو قال: وردتنا عن طريق وزارة السياحة قوائم بأسماء الحرفيين الذين كانوا يزاولون حرفهم ضمن التكية، وعملنا بالتعاون مع الوزارة واتحاد غرف السياحة على تجهيز أماكن وصالات لهم، بمساحة إجمالية تتراوح بين 650 و850 متراً مربعاً، يجري تحديدها بدقة من قبل لجنة مختصة تدرس احتياجات كل حرفي ومستلزمات إنتاجه ومواده الأولية.وأوضح شكو أنه لن يتغير أي شيء على الحرفيين القادمين، فكما كانت التكية ذات صبغة أثرية ومرتبطة بتاريخ المنطقة، فالحاضنة أيضاً ذات صبغة تراثية لكونها موجودة ضمن معمل زجاج دمر العريق، أحد أكبر وأقدم معامل سورية، كما أن المساحة ضمن الحاضنة أكبر منها ضمن التكية، إضافة إلى وجود أماكن مخصصة للتدريب والتعليم بالنسبة لمختلف الحرف والمهن، فضلاً عن ميزة التراخيص الصناعية والتجارية والسياحية والحرفية الممنوحة للحاضنة، والتي سيحصل الحرفي على مزاياها.

من جهته بين رئيس لجنة التكية السليمانية ورئيس شعبة المهن التراثية فيها عرفات أوطه باشي أن جميع أغراض الحرفيين في التكية يتم نقلها إلى الحاضنة، بالتعاون مع وزارة السياحة، وأن ذلك تم بالاتفاق مع جميع الحرفيين، وضمن إجراءات ميسرة وعلى نفقة الوزارة، ولم يتم استبعاد أي حرفي.وأشار أوطه باشي إلى حرص جميع الحرفيين بالتنسيق مع الجهات المعنية على تطوير وتعزيز وجودهم في الأسواق، من خلال التواجد والمشاركة في المعارض المحلية والخارجية، بهدف إعادة الألق للمنتجات السورية المعروفة بمتانتها ودقة وإبداع صانعها

بسام الصيداوي، الحرفي في صناعة الجلديات بين أن المكان الجديد الذي حصل عليه ضمن الحاضنة وفر له المساحة الكافية لمزاولة عمله، وعرض منتجاته المتمثلة بالجلديات الشرقية كالحقائب والأحذية والأحزمة والإكسسوارات والمجالس، لافتاً إلى دور الحاضنة في الحفاظ على المهن التراثية، لاحتوائها على العديد من قاعات التدريب التي تتيح المجال لجميع الحرفيين تعليم أبنائهم ونقل موروثهم التراثي إلى الأجيال القادمة.من جهته، أوضح سامر وقة، حرفي المنجور والخيط العربي والشرقيات أهمية تجميع عدد كبير من الحرفيين في مكان واحد كالحاضنة، لما يحققه من تشاركية أوسع مع الحرفيين وأرباب المهن، الأمر الذي يسهم في تطوير كل حرفة ويخلق أفكاراً جديدة تغني المنتجات وصانعيها.وافتتحت حاضنة دمر المركزية للفنون التراثية التابعة للاتحاد العام للحرفيين في الثامن من كانون الأول لعام 2020، على مساحة 13 دونماً كمشروع تنموي إنتاجي متكامل، يهدف إلى الحفاظ على الحرف التراثية من الاندثار وتدريب الأجيال الحالية عليها من خلال كبار الحرفيين، الذين تم اختيارهم بعناية من أجل صقل مواهب الشباب وتخريج جيل من الحرفيين المهرة، وإنتاج منتجات حرفية وإيجاد أسواق داخلية وخارجية لتلك المنتجات.

سانا