مذبحة الركبة الجريحة.. شاهد تاريخي على جرائم القتل العرقي بأمريكا

جرائم القتل العرقي في المجتمع الأمريكي قديمة وهناك الكثير من الأمثلة عليها على مر التاريخ، ومنها المجزرة الشنيعة التي وقعت قبل أكثر من 130 عاماً، وقتل فيها المئات من الهنود  الحمر وهم “السكان الأصليون” في أمريكا بسبب دفاعهم عن حقهم وأرضهم في مواجهة انتهاكات الجيش الأمريكي آنذاك.

وتعود ذاكرة التاريخ حول تلك المجزرة إلى مثل هذا اليوم الـ 29 من كانون الأول عام 1890 عندما وقع اشتباك كبير بين اليانكي “سكان أمريكا ذوي الأصول الأوروبية”  والهنود الحمر حيث قتل  في تلك المعركة نحو 300 شخص من الهنود الحمر معظمهم  من النساء والأطفال.

المجزرة التي سميت “مذبحة الركبة الجريحة” هي معركة لكنها من طرف واحد تمكن فيها اليانكي من إخماد محاولة الهنود الحمر من قبائل “لاكوتا” في الدفاع عن حقهم في أراضيهم أمام توسع الجيش الأمريكي وانتهاكه مناطقهم الخاصة، فكان مصيرهم القتل بلا رحمة جنباً إلى جنب مع عائلاتهم.

كانت تلك المذبحة عملاً ثأرياً لفوج من الجيش الأمريكي ضد الهنود الحمر الذين كانوا قبل ذلك هاجموا بالقرب من نهر ليتل بيغورن في صيف عام 1876 خمس سرايا من هذا الفوج وأبادوها بالكامل وكان معظم المهاجمين من هنود “لاكوتا”.

أحد ضحايا المذبحة

وكان المستعمرون الأوروبيون في ذلك الوقت يزحفون بنشاط على أراض جديدة منتهكين اتفاقاتهم مع الهنود الحمر علاوة على مواصلة إبادة قطعان البيسون “الثيران الأمريكية”، وفي الغالب كان الهنود يطردون من أراضيهم وهو ما دفعهم إلى الدفاع بالسلاح عن حقهم في العيش على أرض أسلافهم.

وفي ذلك الحين جدد الجيش الأمريكي هجومه على الهنود الحمر واكتشف عدد من الجنود الذين أرسلوا لنزع سلاح المستوطنات الهندية معسكراً كبيراً بالقرب من منطقة “الركبة الجريحة” التي تقع في الوقت الحالي بولاية ساوث داكوتا، حيث انطلقت الرصاصة الأولى وجرت المعركة الدامية التي قتل فيها أكثر من 300 رجل وامرأة وطفل سقطوا مضرجين بدمائهم على أرض متجمدة مغطاة بالثلوج.

ولامتصاص غضب الهنود الحمر أجرت السلطات آنذاك تحقيقا في الواقعة وتمت تنحية جيمس فورسيث قائد الفوج مؤقتاً من القيادة إلا أنه أعيد في وقت لاحق إلى منصبه بل وتمت ترقيته.

أحد الجنود الأمريكيين الذي كان في الفوج ويدعى هيو ماكجينيس وله كتاب بعنوان”شاركت في مذبحة الركبة الجريحة” قال حول هذه المذبحة: لا أعتقد أن الجنود رأوا أين تذهب نيران أسلحتهم فقد أطلقوا النار بسرعة كبيرة ويبدو أنه في بضع ثوان لم يبق شيء على قيد الحياة أمامنا حيث سقط المحاربون والنساء والأطفال والخيول والكلاب تحت نيران عشوائية.

الجنرال الأمريكي نيلسون مايلز الذي زار موقع المذبحة بعد عاصفة ثلجية استمرت ثلاثة أيام أحصى نحو 300 جثة مغطاة بالثلوج في  المنطقة المجاورة بما في ذلك على مسافة بعيدة، وتحدث عن شعوره بالرعب حين رأى أن الأطفال والنساء العزل الذين يحملن أطفالاً بين أذرعهن قد جرت ملاحقتهم وقتلهم بلا رحمة من قبل الجنود على مسافة تصل إلى ميلين من مكان إطلاق النار.

الصحفي الأمريكي ليمان فرانك عبر حينها عن مثل هذه الأفكار الوحشية بقوله: إن أمننا يتطلب التدمير الكامل للهنود بعد اضطهادهم لقرون ويجب علينا من أجل حماية حضارتنا قمعهم مرة أخرى ومحو هذه المخلوقات البرية والجامحة من وجه الأرض واصفاً ذلك بأنه مفتاح الأمن المستقبلي لمستوطنينا وجنودنا الذين وجدوا أنفسهم تحت قيادة غير كفؤة وبخلاف ذلك ستواجهنا في المستقبل مشاكل مع الهنود الحمر لا تقل عن السنوات السابقة.

وبعد المذبحة المذكورة ولأكثر من عقد من الزمن طالب الهنود الحمر من السلطات الأمريكية سحب ما لا يقل عن عشرين ميدالية شرف حصل عليها الجنود والضباط الذين شاركوا في هذه المذبحة

هذه المذبحة التي جرت قبل 132 عاماً لم تكن الأخيرة من نوعها ورغم مرور العقود على تلك الواقعة الشنيعة لا تزال تتأصل لدى الأمريكيين اليوم النزعة العرقية المعادية للقوميات الأخرى في المجتمع الأمريكي، ومن ذلك الأمريكيون من أصول افريقية ذوي البشرة السوداء الذين يتعرضون للاضطهاد والتمييز والقتل بوحشية ودون أي مراعاة لمبادىء الديمقراطية وحقوق الإنسان التي تتشدق بها الإدارات الأمريكية المتعاقبة وتروج  لها في بعض دول العالم كما حصل في العراق وأفغانستان.