كبير في العمر وضارب في أعماق التاريخ لكنه لم يشب، توالت فوق أزقته دهور وحقب حتى وصل إلى شكله الحالي إنه حي “القيميرية الدمشقي “وموقعه بالتحديد إلى الشرق من الجامع الأموي حيث ينتصب بابه الشرقي الذي يعرف بباب جيرون ويمتد حتى منطقة القصاع وبابي توما وشرقي من من الشمال حي العمارة والجنوب تكون قد وصلت إلى شارع مدحت باشا وبهذه الاتجاهات الاربع يعتبر أكبر احياء دمشق القديمة سمي بحي القيميرية نسبة للمدرسة القيميرية الكبرى التي أنشأها في العهد الأيوبي “ناصر الدين القيمري عام ٦٥٠للهجرة .
ونسبت المنطقة لها لشهرتها آنذاك. هذا الحي العريق صار بالنسبة للأحياء المحيطة به داخل سوردمشق بمثابة القلب من الجسد فهو مقصد للاستمتاع بسحر دمشق القديمة والاسترخاء في رحاب بيوتها المفتوحة أمام الزوار حيث تتميز منازله بطرازها المعماري المميز والتي تفردت بحديقتها وايوانها وشبابيكها من الزجاج المعشق والتي تحول معظمها اليوم إلى فنادق ومطاعم ومحال للتراثيات بالإضافة إلى وجود الحمامات القديمة التي كانت تزود بالماء من نهر بانياس وهو أحد فروع نهر بردى كما يتضمن حي القيميرية جوامع ومدارس عديدة وفي مقدمة هذه المدارس مكتب عنبر الذي يشغله الآن قصر الثقافة أما أبناء هذا الحي فقد اشتغلوا بمهن وحرف عديدة اشهرها تجارة الحرير وصناعة النسيج والحياكة والصباغة وصناعة الصابون التي كانت تُنتَج بمصبنة القيميرية لكن أشهر معالمه هي مطبعة الترقي التي وجدت لنشر العلم والتنوير وهي إحدى أقدم مطابع دمشق وأكثرها انتاجا في الطباعة والنشر ليغدو بما يتضمنه هذا الحي العتيق انموذج رائع للوحة فسيفسائية تمثل الناس الذين عاشوا بدمشق بجميع اجناسهم وثقافاتهم واديانهم ومللهم وصناعاتهم يروون حكايات عن تاريخ الحي العريق المسجل اليوم على لائحة التراث العالمي لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) باعتباره جزءا من مدينة دمشق القديمة داخل السور الموضوعة بكاملها في اللائحة عام١٩٧٩ وإلى اليوم لازالت جدران حارات دمشق تروي حكايات عن تاريخ المدينة العريق.
الإعداد :مجد حيدر