“النوفرة”
مقهى دمشقي يقدم عبق التراث

أقدم مقاهي العاصمة دمشق لعمر ناهز ال خمسمئة عام على وجوده في قلبها متوسطا المسافة  بين حي باب توما وأزقتها القديمة وسوق الحميدية وتحديدا بمحاذاة الجامع الأموي عند الجهة الخلفية الجنوبية، فرغم ضيق مساحته شكّل قبلة لمعظم زائري دمشق باعتباره مقصدا للاستراحة بعد الانتهاء من زيارة الجامع الأموي فلا يمكن لزائر دمشق أن يمر على حاراتها القديمة دون أن يزوره إنه” مقهى النوفرة الأثري”

الذي لازال يقدم نفسه للزوار بحلته التقليدية من كراسي خشبية وطاولات مستديرة موزعة بين صالة داخلية تبلغ مساحتها ٦٠ م٢ وصالة خارجية مساحتها ٣٠م٢ مرصوفة بأحجار البازلت الأسود التي تحكي الكثير عن هذا المكان وتترك مرتاديه  مع ذاكرة بصرية تعيدهم إلى زمن بعيد من خلال احتفاظه بمظهره هذا وتراثه وطقوسه القديمة البعيدة كل البعد عن أيادي التكنلوجيا والتطور ومظاهر الحداثة التي غزت العديد من المقاهي القديمة في دمشق وابعدتها نوعا ما عن طابعها الشرقي الذي تراه حاضرا وبقوة إلى الآن في مقهى النوفرة فمثلا الحكواتي يشكل أحد ايقوناته حيث تستمر جلساته أسبوعيا وسط حشد من الجمهور الذي يشده الحكواتي بحبكة قصته ومآثر ابطالها والتي غالبا ماترتبط بقصص تاريخية وابطال خلدها التاريخ وهو نفسه من يخبر الزائر المتسائل عن سبب تسميته بمقهى النوفرة وذلك نسبة إلى النافورة القريبة منه التي كانت تتدفق بنسبة أربعة إلى خمسة أمتار. وإلى اليوم من زار ويزور مقهى النوفرة  سيلاحظ أنه يستمر بالحفاظ على شكله القديم وكامل اثاثه واللوحات التي تملأ جدرانه والتي تحكي قصص التاريخ التي شهدها المقهى والمنطقة التي يقع بها حتى انك تتعرف عليها وأنت جالس تستمتع بفنجان قهوة أو ماتريد من قائمة خدماته البسيطة المقتصرة على النرجيلة وأنواع المشروبات التي يقدمها منذ انشائه ودون إضافات حديثة ليغدو المقهى معلما تاريخيا واثريا تتغنى بزيارته الأجيال ويحتفظون بذكريات أوقات يقضونها في قلب التاريخ قلب العاصمة دمشق.

إعداد :مجد حيدر