دعد نعمة.. ثلاثون عاماً من العمل في ترميم القطع الأثرية

دعد نعمة مرممة مخضرمة عملت على مدار ثلاثين عاماً في مجال ترميم القطع الأثرية وحملت رسالة الحفاظ على إرث ثقافي وتاريخي يخلد ويسطر آلاف الحكايات التي مر بها الانسان السوري على مدى العصور.

نعمة خريجة الدفعة الأولى من المعهد التقاني للآثار والمتاحف وتعمل حالياً في المتحف الوطني بدمشق منذ عام 1989 وتنقلت خلال تلك السنوات بين جميع مخابر الترميم التي تضم ترميم المعادن والرقم المسمارية والفخار والزجاج والرسوم الجدارية والأيقونات والمواد العضوية.

وتعتبر نعمة الترميم مهنة مقدسة فهي بحسب تعبيرها تربطها علاقة عاطفية ووجدانية بأي قطعة تعمل على ترميمها فعملها قائم على إعادة إحياء وبناء تلك القطع الأثرية التي تعتبرها وثائق تاريخية يجب تجسيدها بأبهى صورة أمام العالم أجمع.

وفي مقابلة مع مراسلة سانا أشادت نعمة بمخابر الترميم في المتحف الوطني بدمشق فهي تمتلك كوادر بشرية متمكنة دربت على أيدي خبراء من خلال بعثات أوفدت إلى خارج سورية موضحة أن العمل خلال تلك السنوات أنتج جيلاً مخضرماً قادراً على نقل وتكريس علمه وخبرته المتراكمة للأجيال القادمة.

وبينت نعمة أن استمرارية عمل المخابر الترميمية قائمة على تأهيل وتدريب كوادر جديدة مؤكدة أن الرفد السنوي للمديرية العامة للآثار والمتاحف من الخريجين المميزين مستمر وذلك لتشكيل طاقم رديف في عمليات الترميم.

وأوضحت نعمة وهي زوجة أحد شهداء الجيش أن عملية الترميم حرب ضد الدمار ولا سيما أن حجم الترميم المطلوب في ظل ما تعرضت له الآثار السورية خلال سنوات الحرب الإرهابية على سورية بحاجة لجهود عظيمة لإنقاذها.

وبالحديث عن أكثر القطع التي أثرت بها خلال عملها المهني قالت نعمة “هي ترميم جمجمة إنسان مقولبة تعود للألف الثامن قبل الميلاد بعد اكتشاف موقعين مهمين هما تل أسود وتل الرماد حيث وجدت بهما جماجم مقولبة احتاجت لتقنيات خاصة في الترميم”.

وتابعت “إن علاقتها الروحية مع تلك القطع بدأت مع المراحل الأولى من التنقيب والاستخراج إلى مرحلة الترميم وإعادة صنع قالب على هيئة قناع مصنوع من الجص وصولاً للمرحلة الأخيرة”.

وعن تأثير الحرب على عملها أوضحت أن ما تعرضت له سورية خلال تلك السنوات أثر بشكل سلبي على سير عمل المخابر الترميمية فتوقف العمل باستثناء عمليات الترميم التي تمت خارج المخابر فكان هنالك العديد من الانجازات التي يفتخر بها.

وأكدت نعمة أن المرمم الماهر هو القادر على إعادة ترميم ما تركته الحضارات المتعاقبة على أمل أن نكون قادرين على ترميم الحياة في سورية بعد الحرب التي تعرضت لها ولا يكون ذلك إلا من خلال الترويج لثقافة البناء بعيداً عن الدمار.

وختمت حديثها عن امنيتها بالتفرغ للتوثيق والنشر وأن تكتب تجربتها الخاصة وذلك بعد أن امتلكت إلماماً كافياً بين علم ومهنة الترميم بالإضافة لكونها نهلت من خبرة المرممين القدماء مؤكدة أن سورية بإرادة الحياة الموجودة فيها ولادة بالحضارات المتعاقبة ويجب الحفاظ عليها وتخليدها ونقلها إلى الأجيال القادمة.