ما إن يدخل الزائر إلى متحف درعا الوطني حتى تقع عيناه على قطع أثرية موغلة في القدم تنتشر في أرجاء حديقته وتروي قصة حضارات متعاقبة مرت على منطقة حوران وتركت إرثاً تاريخياً يجسد كل تفاصيل الحياة قبل آلاف السنين.
معظم محتويات الحديقة تعود للفترات الرومانية والبيزنطية والإسلامية في حين كان للمجتمع المحلي في درعا دور مهم بتقديمه عشرات الهدايا لدائرة الآثار ذات القيمة الأثرية العالية فضلاً عن مصادرة عشرات القطع الأثرية التي كانت تعد للتهريب خارج المحافظة.
وفي تصريح لمراسلة سانا بين أمين متحف درعا وائل كيوان أن الحديقة تضم بين جنباتها أجزاء من أعمدة وقواعد وتيجان أعمدة وشواهد قبور وجواريش لطحن الحبوب بأشكال وأحجام مختلفة ومعاصر للعنب ورانات أو ما يعرف بالمدافن الحجرية بأحجام متنوعة عليها رسومات ونقوش ومذبح وثني وأجزاء من تماثيل للحضارات التي مرت على منطقة سهل حوران.
وأشار كيوان إلى أن الحديقة تتضمن ما يعرف بمنصة سحر وهي صورة مصغرة عن الحضارة التي مرت على مملكة سحر في منطقة اللجاة بريف درعا حيث تتضمن المنصة أجزاء من تماثيل وأدوات فضلاً عن أجزاء من عربة حجرية كان يستعملها انسان اللجاة في تلك الفترات.
وأوضح أن معظم النقوش التي تزين هذه القطع هي إما نباتية أو هندسية فضلاً عن نحت الحيوانات والوجوه البشرية على الرانات التي كانت تستخدم لدفن الأشخاص ذوي الشأن أو النفوذ حيث ترمز النقوش لمكانة الشخص في قومه.
بدوره بين الدكتور محمد نصر الله رئيس دائرة آثار درعا أن الدائرة والمتحف يشجعان زيارة الأطفال واليافعين وكل من يرغب بزيارة الحديقة ليطلعوا على ما تحتويه الحديقة من قطع أثرية لافتاً إلى أن مقتنيات المتحف تم نقلها الى دمشق خلال سنوات الحرب حفاظاً عليها من السرقة
والتدمير من قبل الإرهابيين.
وحول إمكانية إحياء فعاليات ثقافية متنوعة تنطلق من خصوصية الحديقة بعمقها التاريخي وأجوائها العبقة برائحة الماضي أوضح عدنان الفلاح مدير ثقافة درعا أن المديرية تدرس بالتعاون مع دائرة آثار ومتحف درعا إقامة فعاليات ثقافية مسائية في حديقة المتحف مؤكداً أهمية تفعيل الحديقة وتحويلها إلى مسرح في الهواء الطلق يستقطب شريحة واسعة من الجمهور.
يشار إلى أن متحف درعا الوطني وضع في الخدمة عام 2006 وفي عام 2014 تم نقل كامل محتوياته إلى دمشق حفاظاً عليها وهو اليوم يحتاج إلى أعمال ترميم وإعادة تأهيل وصيانة لتتمكن إدارته من إعادة محتوياته وفتحه أمام الجمهور