تشييع جثمان العلامة الدكتور مروان المحاسني إلى مثواه الأخير وأهل الثقافة يصفونه ببحر العلم

ودعت اللغة العربية والعلوم الطبية اليوم أحد أهم علمائها المدافعين عنها العلامة الدكتور مروان المحاسني رئيس مجمع اللغة العربية بدمشق صاحب الفكر العميق والنير بعد مسيرة علمية غنية بالفكر والمعرفة شهدت محطات مفصلية في صون العربية وتعريب علومها ولا سيما الطبية تاركاً إرثاً خالداً للأجيال.

وشيع جثمان الراحل المحاسني الذي توفي أمس عن عمر 96 عاماً من مشفى الشامي بدمشق حيث صلي على جثمانه عقب صلاة العصر في جامع سعد بن معاذ ليوارى الثرى في مقبرة الباب الصغير.

وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور بسام إبراهيم أشار في تصريح لـ سانا إلى أن الراحل كان قامة علمية وأدبية وطبية على مستوى سورية والوطن العربي مبينا أن الدكتور المحاسني الحاصل على إجازة في الطب البشري قدم الكثير في جميع المجالات ولا سيما في إصداره المعجم الطبي الذي تضمن مصطلحات علمية طبية بلغة عربية سليمة إضافة إلى العديد من دراساته ومنشوراته الأدبية والطبية غزيرة العلم والمعرفة.

“بحر في العلم وغزير الثقافة وواسع الأفق ومتعدد المواهب.. مدافع صلب عن اللغة العربية عاشق لها حكيم في إدارته” هكذا وصفته وزيرة الثقافة الدكتورة لبانة مشوح مشيرة إلى ترؤسه مجمع اللغة العربية بكل جدارة طوال السنوات الماضية وإلى أنه كان الطبيب الجراح البارع الذي امتلك العديد من الشهادات الأدبية والعلمية وبرحيله خسرنا شخصية أدبية ولغوية وأخلاقية كبيرة.

والراحل الذي كان سادس رؤساء مجمع اللغة العربية في دمشق مدافع كبير عن العربية كما تحدث عنه الدكتور محمود السيد نائب رئيس المجمع ومدير الموسوعة العربية منوها بإسهام المحاسني الفعال في وضع المعجم الطبي الموحد الذي شارك فيه علماء وخبراء على نطاق الساحة القومية وبمناقبه التي عرفها عن كثب مدى عشرات السنين من علاقتهما معاً حيث اتسم بالهدوء والاتزان والرفق والمعرفة الواسعة ناهيك عن تمكنه من اللغتين الإنكليزية والفرنسية فكان يضع المصطلحات العربية مقابل المصطلحات الأجنبية في الطب وفي مختلف ميادين المعرفة العلمية.

ويؤكد رئيس اتحاد الكتاب العرب الدكتور محمد الحوراني أن المحاسني لم يكن طبيباً فحسب بل عالماً في الفلك واللغة استطاع من خلال عمله أن يكون حصناً منيعاً للغة العربية وصاحب فكر وواحداً من الذين صانوا البلاد بمعرفتهم وعلمهم ومؤسساً لأجيال ستأتي من بعده وقدوة ومثالاً يحتذى.

والراحل الدكتور المحاسني من مواليد دمشق 1926 حاصل على شهادة اختصاص في الجراحة عام 1955 من جامعة باريس وأستاذية في العلوم الطبية سنة 1962 من الجامعة نفسها إضافة إلى إجازة في الآداب من جامعة دمشق سنة 1958.

تبوأ المحاسني العديد من المناصب فكان عضواً في جمعيتي الأمراض التنفسية بباريس وجراحة الصدر في إنكلترا وعضواً في أكاديمية العلوم بنيويورك وتدرج في مناصب التدريس كلها من مدرس إلى أستاذ مساعد فأستاذ كما ترأس قسم الجراحة في كلية الطب بجامعة دمشق وكان أيضاً من مؤسسي المجلس الأعلى للعلوم في الجامعة.

وأصبح المحاسني عضواً في مجمع اللغة العربية منذ 1979 بدمشق وشغل منصب نائب رئيس المجمع بين عامي 2005 و2008 وبعدها تسلم رئاسة المجمع إلى حين وفاته.

ومثل الراحل سورية في لجنة الحوار بين الحضارات في اتحاد الجامعات الناطقة بالفرنسية 1974 حيث ترأس لجنة الحوار بين الحضارات وكان عضواً في مجلس إدارة الاتحاد بين أعوام 1979 و1995.

للراحل المحاسني عشرات البحوث العلمية المنشورة في المجلات الطبية إضافة إلى مشاركته في تصنيف المعاجم الطبية الموحدة ومعجم الألفاظ الإيطالية في اللغة العربية.

ولم يقتصر تبحر الراحل في العربية وحدها بل كان يجيد العديد من اللغات كالفرنسية والإنكليزية والإيطالية والإسبانية.