لأكثر من سبعين عاماً مجازر الاحتلال العنصرية متواصلة

ما يزيد على سبعين عاماً مضت لا يزال الاحتلال الإسرائيلي يمعن في ممارساته الوحشية القائمة على الإرهاب والقتل والاستيطان والاستيلاء على أراضي الفلسطينيين وتدمير منازلهم بهدف تهجيرهم منها وتهويدها ولا تزال مجزرة الطنطورة تقطر دماً في ذاكرة من بقي حياً ممن شهدها.

فيوماً بعد يوم تتكشف للعالم أجمع مدى فظاعة جرائم الاحتلال المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني من خلال التطهير العرقي والتهجير القسري وحرمانه من أبسط حقوقه الأساسية التي نصت عليها مبادئ حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني وعلى رأسها حقه في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.

وآخر ما طفا على السطح بهذا الخصوص تقرير منظمة العفو الدولية “أمنستي” المعنون نظام “الأبارتهايد الإسرائيلي ضد الفلسطينيين” ليؤكد مجدداً فداحة ما اقترفه الاحتلال من جرائم عنصرية بحق الفلسطينيين وجرائم ضد الإنسانية في انتهاك صارخ لحقوق الإنسان داعية المجتمع الدولي لوضع حد فوري لها.

ولاقى تقرير المنظمة الذي يتهم كيان الاحتلال بارتكاب جرائم فصل عنصري ترحيباً فلسطينياً لكونه يتمتع بقيمة قانونية ويعطي الضوء والصلاحية بالنظر في جريمة الفصل العنصري كجريمة ضد الإنسانية حيث أكدت الخارجية الفلسطينية أهمية تقرير منظمة العفو الدولية في فضح الممارسات العنصرية المتأصلة لترسيخ سياسة ممنهجة واسعة النطاق من الإقصاء والقمع والاستعمار وغيرها من الانتهاكات ضد الشعب الفلسطيني منذ نكبة عام 1948.

وفي هذا الصدد اعتبر رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتيه التقرير انتصاراً جديداً لقضية الشعب الفلسطيني العادلة وإنصافاً لضحايا سياسة “الأبارتهايد” الصهيونية ممن تعرضوا ولا يزالون لجرائم القتل وهدم البيوت والاستيلاء على الأراضي خدمة لمخططات الاحتلال الاستيطانية.

حركة فتح بدورها دعت كلا من الاتحاد الأوروبي ومحكمة الجنايات الدولية للاستجابة العملية لدعوة منظمة العفو بالضغط على الاحتلال لوقف جرائمه بحق الفلسطينيين لافتة إلى أنه سبقت هذا التقرير بوقت قصير اعترافات لعدد من قوات الاحتلال بارتكابهم مجزرة عنصرية بدم بارد في قرية الطنطورة راح ضحيتها قرابة 200 شهيد فلسطيني إبان النكبة عام 1948.

وحول مجزرة الطنطورة كشفت وسائل إعلام العدو مؤخراً عن شهادات أدلى بها عناصر من العصابات الصهيونية اعترفوا خلالها بغطرسة وجرائم القتل والاغتصاب التي قاموا بها بدم بارد بحق سكان القرية العزل.

ومن بين تلك الشهادات المقززة التي أدلى بها أحد أفراد تلك العصابات قيامه بقتل ما يقارب 20 فلسطينياً دون رحمة وهم يرفعون أياديهم فوق رؤوسهم بينما قال آخر: “كنت قاتلاً، قتلت حتى من كانت أيديهم مرفوعة إلى الأعلى، لم أعد من قتلتهم كان في الرشاش 250 طلقة أفرغتها في أجسامهم”.

وفي تجسيد بشع للقتل والإجرام في أعتى صوره ما يعكس مدى وحشية منفذه أكد أحد أفراد تلك العصابة أنهم كانوا يدخلون الفلسطينيين في براميل ويطلقون النار عليها وهم في داخلها “ليستمتعوا” برؤية الدماء تنساب من الخروق التي أحدثها الرصاص في البراميل.

الشيخ مصطفى المصري أبو جميل 88 عاماً وهو أحد الناجين من المذبحة الوحشية يسترجع ما مر به منذ 74 عاماً بقوله: “كنا 14 شخصاً أبعدوني أنا وطفلي عن المجموعة لمسافة عشرة أمتار وقاموا بتوجيه رشاشاتهم باتجاه الآخرين ومن بينهم أبي وأخي وقتلوهم بلا رحمة ودفنوهم كلهم في مقبرة جماعية”.

الحكومة الفلسطينية بدورها وبعد خروج تلك الاعترافات إلى العلن طالبت بتشكيل لجنة تحقيق دولية بعد إعلان وسائل الإعلام الإسرائيلية عن اكتشاف مقابر جماعية لفلسطينيين على شاطئ الطنطورة قتلوا عام 1948 وبشهادات موثقة من الأشخاص الذين قاموا بتنفيذها.

ورغم تلك الجرائم المتواصلة بحق الفلسطينيين لا يزال المجتمع الدولي ومنظماته الحقوقية والإنسانية يغضون البصر عن جرائم الاحتلال ويلتزمون الصمت المطبق إزاء إجرامه المتواصل دون مساءلة ولا محاسبة.