تنطلق رواية عطر الصندل للأديب صلاح معاطي من قصة حب إلى هموم الإنسان المرتبط بوطنه فتجمع الشأن العام بالخاص لتؤكد أهمية المحبة والوفاء لبناء المجتمعات والأوطان.
ويشير استخدام المؤلف لشجرة الصندل في عنوان روايته إلى عراقة زراعة هذه الشجرة ذات الرائحة الآخاذة والتي تستخدم بكثافة في الطب بأرض السودان وكأنه أراد بذلك ربط الطبيعة بواقع الإنسان اليوم.
بطل الرواية “أبو النجا” رجل مصري من أصول سودانية مر بظروف صعبة ورحل وهجر كثيرا ًوعاش قصة حب مع فتاة منذ صباه تركت أثراً كبيراً على حياته كلها.
ولكن الحب لا يغدو إلا مفصلاً من عطر الصندل ذلك لأن بطل الرواية ظل يشعر بانتمائه إلى السودان الذي يمر بظروف عصيبة ومحاولات لتجزئته فعاش هاجس الدفاع عن وطنه والتمسك فيه بوجه ما يطوله من مؤامرات.
وتتداعى ذكريات الصبا عند أبو النجا من الأماكن التي عاش فيها وأناس صادقهم وعندما يسافر إلى السودان بلده الأصلي يظل حنينه قائما لمصر ولكنه يدرك أن هذه الأرض واحدة يرويها نهر عظيم ربط بين مصائر أبنائها عبر التاريخ.
وتتسع الرواية لتربط الحالة العاطفية بالشأن السياسي ولاسيما مع ذهاب بطلها أبو النجا إلى الخرطوم ثم سفره إلى الجنوب الذي انفصل عن السودان ليبين بأسلوب فني النتائج الوخيمة لتجزئة البلد الواحد فيتسع القحط والجدب ويزداد الفقر ضراوة كما يظهر أيضاً ما تركته محاولات فصل إقليم دارفور عن الوطن الأم من فقدان الأمان وانتشار الجريمة في هذه البقعة.
الرواية الصادرة عن دار عقل للنشر والدراسة والترجمة يترك معاطي مجال الألم مفتوحاً في خاتمتها ليشد القارئ إلى كل أحداثها وآلامها.
ورغم القضايا الانتمائية في الرواية ظلت سيطرة الكاتب واضحة في تحريك الشخوص وأدوارهم بشكل يثير العاطفة ويطرح أسئلة كثيرة يأخذهم إلى الإجابة عنها بشكل منطقي.
الرواية التي أصدرتها دار عقل للطباعة والنشر والترجمة في سورية تقع في 176 صفحة من القطع الكبير تعتبر أول رواية عربية طرحت قضية انفصال دارفور ولفتت إلى مؤثراتها الحالية ومستقبلها على المنطقة.