الزجل فن شعبي نشأ في جزيرة العرب ونما في الأندلس واحتضنته بلادنا

يعود أصل الزجل إلى جزيرة العرب في عصر ما قبل الإسلام وهو شكل تقليدي من أشكال الشعر العربي باللهجة الدارجة وكان ينظم ارتجالاً في بعض الأحيان في شكل مناظرة بين عدد من الزجالين مصحوباً بإيقاع لحني.

وحول عراقة هذا الفن الشعبي يبين الباحث معين حمد العماطوري أن القدماء صنفوا الزجل ضمن ما سموه الفنون الشعرية الملحونة أو الفنون الشعرية غير المعربة مثل المواليا والقوما والكان التي ظهرت في العصر الأدبي الوسيط.

ويشير الباحث العماطوري إلى أن الزجل مر بأطوار عديدة منذ زمن ابن قزمان أحد رواد الزجل في الأندلس والذي عاش في القرنين الحادي عشر والثاني عشر الميلاديين وكان نتاجه صورة عن تمازج الحضارتين العربية والأوروبية.

وعن تطور هيكلية المنظومة الزجلية يوضح العماطوري أن المصادر أشارت إلى أن الزجالين في المرحلة الأولى من ظهور هذا الفن كانوا ينظمون الأزجال في هيئة القصيدة العربية المعهودة ذات الأبيات المفردة والقافية الواحدة والوزن الواحد وهي بذلك كانت تشبه القريض وكانت تسمى تلك المنظومات “القصائد الزجلية”.

أما في العصر الحديث وفقاً للعماطوري فمال الزجالون إلى النظم في القوالب البسيطة وابتعدوا عن التعقيد وتشقيق الأجزاء ولهذا تتخذ منظوماتهم أما هيئة القصيدة وإما تلك المعتمدة على الوحدات الرباعية وأضرابها وعالجوا من خلالها مختلف الأغراض التي طرقتها القصيدة العربية التقليدية كالمدح والهجاء والغزل والوصف وغيرها.

والزجل برأي العماطوري هو شعر العامة وأقرب ما يكون للأغنية الشعبية التي تشيع على السنة الناس أما القرادي فهو من القرد أي لجلجة اللسان لأنه من الوزن الخفيف بحيث يتلجلج به اللسان عند غنائه لسرعة وزنه.

وتبدو أهمية الزجل بحسب العماطوري في أنه يعبر تعبيراً صادقاً عن عبقرية الأمة بلغتها اليومية وبذاكرتها الجمعية ممثلة في جماهيرها الغفيرة وتتجلى أهميته في أن الأدب الشعبي صورة للشخصية الوطنية مهما كانت باهتة فهي أوضح من الصورة التي يعكسها الأدب المدرسي المثقف ولكنه مكمل له وعندما ندرس الزجل بصورة علمية يتحقق الربط بين الأدبين ويتم جسر الهوة الكبيرة التي تفصل بينهما.

وأوزان الأازجال لا تكاد تزيد على الأوزان المعهودة في الشعر العربي إذا لم تقل عنها كما تضمنت في بعض الأحيان مزجاً من أكثر من وزن واحد.

ويلفت العماطوري إلى أننا نلحظ دائماً انسجاماً بين الأوزان الممزوجة في الزجل الواحد ومن أوزانه الرمل والبسيط والمتدارك ومجزوء الرجز والسريع والمتقارب والهزج والمجتث.

وحول وجود صعوبة عند تحديد بعض أوزان الزجل يوضح العماطوري أن اختلاف التشكيل في اللهجة الدارجة زاد من صعوبة تحديد أوزان الأزجال لدى كثير من الدراسين بسبب لجوء الزجالين إلى أوزان ابتدعوها وأخذت تعرف وتضبط بعدد المتحركات والسواكن في الأشطر والأبيات وهي التي حددها بعض الدراسين بعدد من المقاطع الصوتية.

هذا الفن العريق الذي احتضنته بلادنا رغم تطاول الآماد يعكس كما يؤكد العماطوري ارتباطه بالبيئة وتعبيره عن الأحداث والوقائع رغم قلة التدوين والتوثيق لشعرائه وعيون قصائده.

سانا