أصدر الرئيس بشار الأسد أمس القانون رقم (21) المتضمن قانون حقوق الطفل الذي يهدف إلى تعزيز دور الدولة بمختلف مؤسساتها العامة والخاصة في حماية الطفل ورعايته وتأمين التنشئة والنماء والتأهيل العلمي والثقافي والنفسي والاجتماعي، لبناء شخصيته، بما يمكِّنه من الإسهام في مجالات التنمية كافة.
ومنح القانون للطفل الحق في الحماية من أشكال العنف كافة، وخاصة الإساءة البدنية، أو المعنوية، أو الجنسية أو الأخلاقية، وغير ذلك من أشكال الإساءة في المعاملة، وله الحق في الحماية من الاستغلال، والإهمال، والتقصير، والتشرد، والأخطار المرورية، والممارسات الخطرة، وتكفل الدولة إصدار التشريعات واتخاذ التدابير الإدارية والاجتماعية والتربوية والوقائية لتوفير هذا الحق، وحدد القانون سن الزواج أنها تكمل أهلية الزواج في الفتى والفتاة بتمام الثامنة عشرة من العمر.
وشدد القانون على عدم تقديم أو بيع التبغ والنرجيلة والمشروبات الكحولية للطفل في جميع المحال والمطاعم وجميع الأماكن العامة أو الاتجار بالدخان من الأطفال ووضع عقوبات لمن يستخدمهم تصل إلى الحبس ثلاثة أشهر والغرامة 500 ألف ليرة سورية.
وأكد القانون أنه تكفل الدولة حق الطفل في التعليم بمستوياته المختلفة، وتعمل على رفع المستوى العلمي باستمرار، ويكون التعليم في المدارس العامة مجاناً، وإلزامياً في مرحلة التعليم الأساسي، وتُلزم جميع الجهات القائمة على إنتاج أو عرض أي مادة إعلامية بتحديد الفئة العمرية الموجهة لها هذه المادة، وبالإعلان عن ذلك بشكل واضح، وباللغة العربية.
وحظر القانون استخدام الطفل في المواد الإعلامية والإعلانية والفنية استخداماً ينتهك خصوصيته، أو يؤثر سلباً في نمائه، وحظر إنتاج أو نشر أو عرض أو تداول أو ترويج أو استيراد أو تصوير أو نسخ مواد أو وسائل أو منتجات مرئية أو مقروءة أو مسموعة، إلكترونية أو غير إلكترونية، خاصة بالطفل إذا كانت تضرُّ به أو تشجع على سلوك جانح. وحظر على القائمين على دور السينما والمسارح، العامة والخاصة، إدخال الطفل لمشاهدة مسرحية أو شريط سينمائي ممنوع عرضه عليه، وحظر على مستثمري المحال التي تقدم خدمة الوصول إلى شبكة «الإنترنت»، والسماح بوصول الطفل إلى المواقع الإباحية والمنافية للحشمة.
وفرض القانون أن تتخذ الدولة الإجراءات اللازمة لمنع وصول الأطفال إلى المواقع على شبكة «الإنترنت» التي تحرّض على العنف والتمييز العنصري والكراهية وازدراء الأديان والتعصب والإباحية.
كما حظر القانون تشغيل الطفل الذي لم يتم الخامسة عشرة من عمره، واستغلال الطفل اقتصادياً أو في أداء أي عمل يرجح أن يكون خطيراً، أو يمثل عائقاً لتعليم الطفل، أو أن يكون ضارّاً بصحته، أو بنموه البدني أو العقلي أو الروحي أو المعنوي أو الاجتماعي، ويحظر تكليف الطفل العمل ساعات إضافية، مهما كانت الأسباب، وإبقاءه في مكان العمل بعد المواعيد المقررة له، ولا يجوز تشغيله ليلاً وفي أيام الراحة الأسبوعية والعطل الرسمية والأعياد بما يتوافق مع القوانين ذات الصلة، ويخضع الطفل قبل إلحاقه بالعمل لفحص طبي من أجل التأكد من وضعه الصحي وملاءمته للعمل الذي سيقوم به، ويعاد الفحص مرَّة كلَّ عام، ويجب على صاحب العمل، في حال تشغيله طفلاً أو أكثر أن يعلن في مكان العمل القواعد والتعليمات الخاصة بتشغيل الأطفال، وخاصة ساعات العمل، وفترات الراحة، والشخص المسؤول عن مراقبة عمل الطفل، وأن يقوم بالاشتراك عن الطفل لدى المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية في المحافظة، ويتقاضى الطفل مستحقاته كاملة وفق قانون التأمينات الاجتماعية إذا تعرض لإصابة عمل في أثناء عمله أو بسببه سواء أكان مشتركاً عنه في مؤسسة التأمينات الاجتماعية أم غير مشترك عنه، ويحق للطفل مطالبة صاحب العمل بالتعويض عن الضرر الذي لحق به، إذا تبين وجود تقصير أو إهمال في تدابير الصحة والسلامة المهنية التي يجب على صاحب العمل اتخاذها.
وفي جانب الحق في الحماية والأمان الشخصي، حظر القانون تجنيد الطفل أو إشراكه في عمليات قتالية أو غيرها من الأعمال المتصلة بها، وأكد أن الدولة تكفل حماية الطفل من الاتجار به بأي شكل من الأشكال، ويُعدّ الطفل المُتجَّرُ به ضحية، ولا يسأل جزائياً أو مدنياً عن أفعال جرمية ارتكبها متى نشأت هذه الأفعال، أو ارتبطت ارتباطاً مباشراً بكونه ضحية.
وبين القانون أن العدالة الإصلاحية للطفل هي الأحكام القانونية والإجراءات والتدابير التي تتخذ بحق كل طفل في حالة نزاع مع القانون، وتضمن هذه العدالة حقوق الطفل وسلامته، وتهدف إلى إصلاحه وتأهيله وإعادة إدماجه في المجتمع، وشدد على أن تعمل الدولة على توفير العدالة الإصلاحية لكل طفل يكون في حالة نزاع مع القانون.
وأوضح أنه لا يُلاحق جزائياً الطفل الذي لم يتم العاشرة من عمره حين ارتكاب الفعل، وتتدرج المسؤولية الجزائية للطفل الذي أتم العاشرة ولم يتم الثامنة عشرة من عمره مع مراعاة مصلحته الفضلى وفق القوانين.
وتقوم العدالة الإصلاحية للطفل على احترام حقوق الطفل في جميع الإجراءات المتعلقة بالعدالة الإصلاحية، والتعامل مع الطفل الذي يكون في حالة نزاع مع القانون بما يكفل إصلاحه وتأهيله وإعادة إدماجه في المجتمع، والإسراع في إجراءات التحقيق والمحاكمة، وتوفير البيئة المناسبة للطفل ضمن المؤسسات الإصلاحية لتمكينه من ممارسة أنشطة واتباع برامج تساعده على صون صحته، وتنمية قدراته، واحترامه لذاته، وتقوية إحساسه بالمسؤولية.
وأقر القانون تشكيل اللجنة الوطنية لحقوق الطفل بقرار من رئيس مجلس الوزراء مهمتها اقتراح السياسة العامة المتعلقة بحقوق الطفل، ووضع خطط وطنية لتطبيق هذا القانون والالتزامات المقررة في اتفاقية حقوق الطفل، ومتابعة تنفيذها، ودراسة المقترحات والشكاوى المقدمة من أي جهة، والمتعلقة بأحكام هذا القانون، واتخاذ الإجراءات اللازمة بشأنها، واقتراح مشروعات التشريعات المتعلقة بحقوق الطفل، إعداد التقارير المتعلقة بحقوق الطفل، ورفع توصياتها إلى الجهات المختصة، لاستكمال الإجراءات اللازمة بشأنها.
وشدد القانون الجديد في العقوبات المتعلقة بالطفولة على تأكيده أنه لا تُخِلُّ العقوبات الواردة في هذا الفصل بتطبيق أي عقوبة أشد منصوص عليها في القوانين، وإذا امتنع ولي الطفل أو المسؤول عنه قانوناً عن إرساله إلى المدرسة بعد إنذاره بعشرة أيام وفقاً للإجراءات المقررة في قانون التعليم الإلزامي، يعاقب بالغرامة من /100.000/ ل.س مئة ألف ليرة سورية إلى /150.000/ ل.س مئة وخمسين ألف ليرة سورية، وتطبق العقوبات الواردة في قانون العقوبات والقوانين الجزائية على كل من حاز أو أحرز أو اشترى أو باع أو سلّم أو تسلّم أو نقل موادّ مخدرة، إذا ارتكبت الجريمة في دور التعليم أو مرافقها الخدمية، أو في مؤسسة ثقافية أو رياضية أو إصلاحية، أو ما شابهها من الأماكن والدور الخاصة بالأطفال، وقدَّم للتعاطي مواد مخدرة أو سهَّل تعاطيها إلى طفل، أو دفعه إلى تعاطيها أو نقلها أو بيعها أو ترويجها بأي وسيلة من وسائل الإكراه أو الغش أو الاحتيال أو الترغيب أو الإغراء، أو باع أو قدم مؤثرات عقلية أو نفسية لطفل.
وارتكب جرائم الإيذاء الواقعة على الطفل، أو من قطع أو استئصال عضو من أعضائه، أو تعطيله، أو تعطيل إحدى حواسه، أو التسبب في إحداث تشويه جسيم فيه أو أي عاهة أخرى دائمة، أو أدت إلى موت الطفل، وارتكب جرائم الاعتداء الجنسي على الطفل بأي صورة كانت، وجرائم التحرش الجنسي، وارتكب جرائم الاتجار في الأطفال، وتجنيدهم في الأعمال القتالية.
وعن أهمية هذا القانون قال وزير الشؤون الاجتماعية والعمل محمد سيف الدين لـ«الوطن» إن هذا القانون من القوانين النوعية التي عالجت حقوق الطفولة لكونها الركيزة الأساسية في المجتمع، وهدف القانون إلى رسم مستقبل حقيقي للأطفال.
وقال: جاء هذا القانون ليسد النقص الذي كانت تعاني منه القوانين التي تعالج وضع الطفولة في بلادنا. موضحاً أن القانون الجديد يحقق الحماية الاجتماعية الأكبر لهذه الفئة من المجتمع، ولاسيما ما يتصل برعاية الشرائح الاجتماعية الأكثر تضرراً جراء هذه الحرب المجرمة على البلاد وهي شريحة الطفولة.
وبين وزير الشؤون أن هذا القانون يعزز المنظومة القانونية في مجال حماية الطفولة في سورية، وإرساء مبادئ قانونية شاملة وموحدة ومنسقة لمجمل القضايا المتعلقة بالطفل، مبيناً أنه ن جاء ليوحد التشريعات المرتبطة بالطفولة، التي كانت موزعة بين عدة قوانين، وكذلك توحيد جهة تطبيقها، وأصبح القانون الجديد يشكل مرجعاً قانونياً لجميع القضايا المتعلقة بالطفولة، لدى جميع الجهات الحكومية.
وأشار سيف الدين إلى أن هذا القانون يجسد المكانة الرائدة لسورية في مجال حماية ورعاية الطفولة، وتعزيز دورها البناء كعضو في الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل.
وأوضح سيف الدين أن القانون الجديد استدرك جوانب النقص في التشريعات التي تهتم بالطفولة وعمل على تحديثها، وتحديداً فيما يتعلق بموضوع الاتجار بالأطفال ومنع تجنيدهم في الأعمال القتالية، وشدد القانون العقوبات على جميع الأفعال التي يقوم بها مستخدمو الأطفال سواء في بيع الدخان أم تعاطيه، وختم وزير الشؤون أن هذا القانون جاء نتيجة جهود حكومية وخبرات وطنية قانونية واجتماعية وصحية، استطاعت الوصول به إلى هذه الصياغة النهائية.
الوطن