بسقوط حركة “النهضة” في تونس تسقط آخر معاقل “الإخوان” في حكومات تشكلت بعدما سُمي “الربيع العربي”، باستثناء الوضع المتأرجح في ليبيا.
ففي الوضع الليبي تحاول تركيا دعم وصول الإخوان إلى الحكم عبر إقصاء الأطراف الأخرى كالعادة، ولكن هذا لن يحصل لسببين، الأول هو كره القسم الأكبر من الشعب الليبي لسياسات تركيا، والثاني أن الحل الليبي لن يكون إلا حلاً وطنياً جامعاً يُرضي الشعب كله، وهذا ما سيفوت الفرصة على الإخوان وداعميها بالداخل والخارج.
لقد دعا راشد الغنوشي، زعيمة “النهضة” الإخوانية، عام 2011، إلى أن تأخذ تونس بنموذج حزب “العدالة والتنمية” التركي في الحكم، كأنه كان يريد تتريك تونس وأخونتها، لكن نهج الفساد وتعيين أفراد العائلة في مؤسسات الحكم، جعلت من النموذج الإخواني مرفوضا كريها محاصراً على المستوى الشعبي.
إذاً نحن اليوم أمام واقع جديد في عالم عربي يكاد يخلو من حكم الإخوان، لهذا يُحسب لتونس وشعبها ورئيسها المنتخب قيس سعيد إنهاء تمدد الإخوان كسرطان في جسد الأمة، لكن يبقى السؤال: كيف سيستقيم الأمر لإخوان تونس؟ وهل سيجدون ملجأً آمناً لهم في تركيا مثلما وجد إخوان مصر، قبل أن يبدأ الرئيس التركي في التخلي عنهم بعد احتراقهم شعبيا وسياسيا؟ وهل يمكن أن نشهد سقوطاً قريباً لحزب “العدالة والتنمية” في تركيا، كما شهدنا سقوط الإخوان في مصر وتونس؟
الجواب، ربما، وقد لا يطول الأمر كثيراً، صحيح أن الرئيس التركي قادر على اللجوء إلى الحيلة والتحالفات في الانتخابات، التي قد تنقذه حتى لو لم يفز بالأغلبية فيها، لكن الواقع التركي تغير والنقمة الشعبية وصلت إلى ذروتها لأسباب عدة، أولها مستويات المعاناة الاقتصادية للشعب التركي، وثانيها الفساد الذي استشرى عبر تعيين المقربين من أفراد العائلة في مناصب حساسة ما أدى إلى انهيار الليرة وازدياد حجم ديون الدولة، وثالثها الكوارث الطبيعة، التي حلت بتركيا كالفيضانات والحرائق وعدم استطاعة حكومة “العدالة والتنمية” مواجهتها أو مساعدة المتضررين من الشعب إلا بتوزيع الشاي، كما يتداول أتراك على سبيل التهكم.
أيضا يمكن الحديث عن التدخل في دول الجوار كسوريا والعراق وليبيا وإرسال جنود أتراك إلى دول إقليمية سعيا وراء حلم التوسع الوهمي، ما يجعل الشعب التركي يرى أبناءه وقد تحولوا إلى مرتزقة لمحاربة الآخرين، لذلك لا يستبعد البعض سقوط حزب “العدالة والتنمية” استكمالا لسلسلة السقوط الإخواني في المنطقة.
لذا تبقى البوصلة موجهة إليه بعدما هلّل لجماعة الإخوان في مصر وتونس وليبيا، ودعم مجموعاتهم المسلحة في سوريا واستخدم بعضهم كمرتزقة يحارب بهم أينما أراد، مثل الحالة الليبية.
لقد أوشكت آخر معاقل الإخوان على اللحاق بما سبقها من أجزاء منهارة من هذا التنظيم الإرهابي، الذي سعى إلى السيطرة على الحكم في بعض دول المنطقة، حتى باتت حالهم أقرب إلى الغريق، الذي لا يجد من ينقذه ولا تُقبل توبته كونه قد بلغ “الغرغرة”، بوصول الروح إلى الحلقوم.
المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي الموقع
العين الاخباري