زيارة وزير خارجية جمهورية الصين الشعبية وانغ يي إلى سورية يوم القسم الرئاسي ولقائه الرئيس بشار الأسد ووزير الخارجية فيصل المقداد وتوقيع عدد من الاتفاقيات الاقتصادية بين البلدين وتتويج الزيارة بإطلاقه مبادرة من أربع نقاط لحل القضية السورية، يؤكد أن الصين بلد صديق لسورية ليس من زمن قريب بل منذ ألفي سنة عندما كانت سورية ممراً لطريق الحرير، لكن الصداقة الحالية تمتد لخمس وستين سنة أي منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين الصديقين.
وهنا لا بد لنا أن نشير إلى اهتمام الصين بالوضع السوري وسعيها الدائم لتقديم المساعدات الغذائية والطبية سواء لتخفيف الحصار الاقتصادي والعقوبات المفروضة من الغرب على سورية أو العمل على مساعدتها لمواجهة فيروس كورونا .
المستشار الوزير وانغ يي يرى أن مفتاح الحل الشامل للقضية السورية هو تطبيق مبدأ “عملية يقودها ويملكها السوريون” الذي وضعها مجلس الأمن، وهنا يشير إلى قرار مجلس الأمن / 2254 / الذي ينص على تشكيل حكومة انتقالية من كلا الطرفين بصلاحيات تنفيذية كاملة، وطبعاً القرار لم يُشر إلى المساس برئاسة الجمهورية أو مجلس الشعب إلا عندما يتفق الطرفان على كتابة دستور جديد وإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية، وأنه على جميع الأطراف المعنية اتخاذ خطوات ملموسة لدفع التسوية الشاملة للقضية السورية بفاعلية.
ووفقا لوزير الخارجية الصيني، فإن مقترح بكين يضم النقاط التالية:
الأول: يتعين احترام السيادة الوطنية ووحدة الأراضي السورية، واحترام خيار الشعب السوري والتخلي عن وهم تغيير النظام، وترك الشعب السوري يحدد مستقبل ومصير بلاده بشكل مستقل.
الثاني: ينبغي وضع رفاهية الشعب السوري في المقام الأول ويتعين تعجيل عملية إعادة الإعمار. وتعتقد الصين أن الطريق الرئيسة لحل الأزمة الإنسانية في سوريا يمر عبر رفع جميع العقوبات الأحادية والحصار الاقتصادي عن سوريا بشكل فوري.
وينبغي توفير المساعدة الدولية لسوريا بناء على احترام السيادة الوطنية السورية وبالتشاور مع الحكومة السورية، ويتعين زيادة المساعدات الانسانية، وينبغي زيادة شفافية المساعدات العابرة للحدود، كما ينبغي حماية السيادة السورية ووحدة الأراضي السورية.
الثالث: يتعين دعم موقف حازم بشأن مكافحة الإرهاب بفاعلية. وتؤكد الصين ضرورة مكافحة المنظمات الإرهابية المدرجة على قائمة مجلس الأمن، ورفض ازدواجية المعايير.
كما يتعين احترام الدور الرائد للحكومة السورية في مكافحة الإرهاب على أراضيها، وينبغي رفض جميع المخططات المحفزة على الانقسامات العرقية تحت ذريعة مكافحة الإرهاب، ويتعين أيضاً الاعتراف بالتضحيات والإسهامات السورية في مكافحة الإرهاب.
وستدعم الصين الموقف السوري الخاص بمكافحة الإرهاب وستشارك مع سورية في تعزيز التعاون العالمي بشأن مكافحة الإرهاب.
الرابع: ينبغي دعم حل سياسي شامل وتصالحي للقضية السورية، وتدعو الصين إلى دفع التسوية السياسية للقضية السورية بقيادة السوريين، وتضييق الخلافات بين جميع الفصائل السورية من خلال الحوار والتشاور، وإرساء أساس سياسي قوي للاستقرار والتنمية والنهوض على المدى الطويل لسوريا.
وينبغي أيضا على المجتمع الدولي توفير مساعدة بناءة لسورية في هذا الصدد ودعم الأمم المتحدة في لعب دورها بصفتها قناة رئيسية للوساطة.
سورية ردت الخير بالخير وقال وزير الخارجية السوري فيصل المقداد: إن سوريا تتفق مع المقترح الصيني، وتعتزم دفع تعزيز التنسيق مع الصين بشأن القضية. السورية.
وأكد المقداد أن الصين بصفتها عضواً هاماً في المجتمع الدولي، “تقف دائماً في صف العدالة”، معرباً عن أمله في أن تلعب بكين دوراً أكبر في حل القضية السورية والشؤون الدولية الأخرى.
وهذه ليست المبادرة الأولى التي تطلقها الصين لحل قضايا المنطقة، فقد أطلقت سابقاً وعبر الوزير وانغ يي نفسه مبادرةً من خمس نقاط لحل القضية الفلسطينية خلال زيارة الوزير الصيني إلى السعودية، وقال حينها المبعوث الصيني الخاص لشؤون الشرق الأوسط تشاي جيون: إن المبادرة ذات النقاط الخمس المعنية بتحقيق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط التي طرحتها الصين تظهر إخلاص البلاد وشعورها بالمسؤولية كعضو دائم في مجلس الأمن الدولي.
وتتضمن المبادرة التي كشف عنها عضو مجلس الدولة وزير الخارجية الصيني وانغ يي في الرابع والعشرين من شهر مارس/آذار 2021 في مقابلة مع قناة ((العربية)) خمسة نقاط ، الأولى: الدعوة إلى تعزيز الاحترام المتبادل، الثانية: الالتزام بالإنصاف والعدالة، وهنا يؤكد من خلال هذه النقطة على حل القضية الفلسطينية عبر حل الدولتين، الثالثة: تحقيق عدم الانتشار، الرابعة: العمل سوياً على تحقيق الأمن الجماعي ، الخامسة: تسريع وتيرة التعاون من أجل التنمية.
وهنا لا بد من التنويه إلى وثيقة ” مبادرة الحزام والطريق” التي وقعتها الصين مع 19 دولة في الشرق الأوسط والتعاون الفريد الذي تجريه حالياً مع كل منها.
الوزير وانغ يي أكد أن الصين ترغب في الحفاظ على الاتصالات مع جميع الأطراف بشأن المبادرات المذكورة أعلاه، والتنسيق عن كثب، والعمل معاً من أجل السلام ، وبناء الأمن ، وتعزيز التنمية في الشرق الأوسط.
*غسان رمضان يوسف – باحث في شؤون الصين وشرق آسيا