التنين الصيني يحط رحاله في دمشق ,,, بقلم: غسان رمضان يوسف

التنين الصيني يحط رحاله في دمشق ,,, بقلم: غسان رمضان يوسف - موقع أصدقاء سورية
التنين الصيني يحط رحاله في دمشق ,,, بقلم: غسان رمضان يوسف - موقع أصدقاء سورية

زيارة وزير خارجية جمهورية الصين الشعبية وانغ يي إلى سورية في يوم أداء القسم الرئاسي تكتسب أهمية كبيرة لأسباب عدة،  أولها: أن الصين كانت ولا زالت من الدول الداعمة لسورية ليس فقط منذ اندلاع الأزمة السورية في العام 2011 وإنما منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما عام 1956، وهنا لا بد أن نذّكر أن الرئيس الصيني شي جين بينغ أرسل في الأول من يونيو/حزيران الماضي برقية تهنيئه إلى الرئيس السوري بشار الأسد بمناسبة انتخابه مجدداً رئيساً للجمهورية العربية السورية، أشار خلالها إلى أن بلاده و سوريا تتمتعان بعلاقات صداقة تقليدية، وأن سوريا من أوائل الدول العربية التي أقامت علاقات دبلوماسية مع جمهورية الصين الشعبية.

وقال بينغ إنه يولي أهمية كبيرة لتطوير العلاقات الصينية السورية وعلى استعداد للعمل مع الرئيس بشار الأسد لاغتنام الذكرى الـ 65 لإقامة العلاقات الدبلوماسية الثنائية هذا العام كفرصة للسعي لتحقيق إنجازات كبيرة في العلاقات بين البلدين.

وأضاف الرئيس الصيني إن بلاده تدعم بقوة سوريا في حماية سيادتها الوطنية واستقلالها وسلامة أراضيها وستقدم أكبر ما يمكن فعله من المساعدة لها في مكافحة وباء “كوفيد-19” وتنشيط اقتصادها وتحسين رفاهية الشعب السوري الصديق من أجل الارتقاء بالتعاون الصيني السوري بشكل متواصل إلى مستويات جديدة.

وهنا لا بد من التذكير بـ”رسالة التعاطف” التي بعثها الرئيس شي وزوجته إلى الرئيس الأسد، بعد إصابته وزوجته بفيروس كورونا المسبب لعدوى “كوفيد-19”.

وقال شي، في رسالته، حسبما نقلته وكالة “شينخوا” الصينية الرسمية، إنه وزوجته، بنغ لي يوان، يعربان عن تعاطفهما مع الرئيس الأسد وزوجته وعن التمنيات بالشفاء العاجل لهما.

وأكد شي أن “الصين حكومة وشعبا تدعم بقوة الجهود الرامية إلى مكافحة الجائحة والتي تبذلها حكومة سوريا وشعبا”.

وأعرب الرئيس الصيني في الرسالة عن قناعته بأن “الشعب السوري سيتغلب بكل التأكيد على كوفيد-19 تحت قيادة الرئيس الأسد”.

وزاد طبعاً من متانة العلاقات السورية الصينية وقوف الصين جنباً إلى جنب مع روسيا في مجلس الأمن الدولي واستخدامها حق النقض “الفيتو” لصالح سورية كلما دعت الحاجة ضد مشاريع التقسيم والتدمير الممنهج الذي كانت تُصر عليها الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، وقد شكر الرئيس الأسد في خطاب القسم الصين لوقوفها إلى جانب سورية في مجلس الأمن واستخدامها الفيتو لحماية سورية والحفاظ على القانون الدولي.

الثاني: أن الصين هي الوحيدة من بين الدول الصديقة لسورية التي تستطيع المساهمة في إعادة إعمار سورية، وقد تستطيع ذلك لوحدها إذا أُعطيت الفرصة، وقد يكون ذلك ضمن مبادرة “الحزام والطريق” التي أطلقها الرئيس شي في العام 2013 تلك المبادرة التي بحثها الرئيس الأسد مع الوزير وانغ يي وستكون سورية في مقدمة الدول المشاركة في هذه المبادرة.

الثالث: أن سورية والصين تتمتعان بتاريخ حافل من الصداقة فهذه السنة يحتفل البلدان بالذكرى الخامسة والستين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما، وخلال هذه المدة الطويلة لم تشهد العلاقات بين البلدين أي تعكير أو سوء تفاهم، بل كانت تتصاعد كل عام أكثر من الآخر.

إذاً، أمام الصين وسورية الكثير لفعله اقتصاديا سواء في الطاقة والاستثمار أو إعادة الإعمار، خصوصاً أن سورية تُشكل بنظر الصين ركيزة سياسية في مشروع طريق الحرير (الحزام والطريق) زد على ذلك أن سورية بالنسبة إلى الصين تُشكل مركزاً للتوازن العالمي في منطقة الشرق الأوسط، وعلى الصين أن تحافظ على هذا التوازن من خلال الوقوف إلى جانب الدولة السورية وعدم السماح بسقوطها وتفتيتها تحت ذريعة ما يسمى “ثورات الربيع العربي” لإنشاء ما يُسمى “الشرق الأوسط الجديد ” الذي خططت له الولايات المتحدة ووضعت أهدافه في مؤتمر “سي آيلاند” في الولايات المتحدة عام 2004.

ولذا تجد كل من الصين وسورية نفسيهما بحاجة إلى التعاضد والوقوف في وجه التغول الأمريكي سواء في منطقة الشرق الأقصى من خلال التحرش الأمريكي بالصين في بحر الصين الجنوبي واستفزازها في تايوان وهونغ كونغ وشيجيان والتيبت بحجة حقوق الإنسان، أو في الشرق الأوسط من خلال دعم الولايات المتحدة لكل الدول والمنظمات الإسلامية المتطرفة الهادفة لزعزعة الاستقرار في سورية باعتبار أن سورية تشكل حجر الرحى في هذا الشرق، وهنا لا بد أن نتوقف عند وجود مقاتلين صينيين متطرفين إيغور جاؤوا إلى سورية من منطقة شيجيانغ عبر تركيا واستوطنوا مناطق وقرى في سورية بعد تهجير أهلها كما هو حاصل في منطقة جسر الشغور والقرى المحيطة بها وقد شاركوا في الكثير من المعارك ضد الجيش السوري وكانوا من أكثر الفصائل دموية وحقداً على المواطنين السوريين لسببين الأول: أنهم جاؤوا برعاية أردوغانية إخوانية صرفة، والثاني: أنهم يتبنون فكر القاعدة والبعض عمل منهم في جبهة النصر وتنظيم داعش وهم اليوم ينضوون تحت راية (الحزب  الإسلامي التركستاني) الذي أدرجته الولايات المتحدة العام /2003 / ضمن الحركات الإرهابية ومن ثم لتعود وترفع اسم هذا الحزب من قوائم الإرهاب في العشرين من أكتوبر /تشرين أول / 2020/ ما يؤكد أن الولايات المتحدة تخطط لاستخدام هذا الحزب ضد الصين خصوصاً أنه قد يجد بيئة خصبة له في أفغانستان باعتباره يتشارك مع حركة طالبان العقيدة نفسها، ومن هنا نرى الاهتمام الصيني بما يجري في سورية بعد تحول إدلب والمناطق التي تسيطر عليها تركيا إلى (مفقسة) للإرهابيين المناهضين لروسيا والصين.

وهنا لا بد من التذكير بالزيارة الناجحة التي قام بها الرئيس الأسد إلى الصين عام 2004 بعد إطلاقه مبادرتين استراتيجيتين.. الأولى في العام 2002 وهي ربط البحار الخمس والتي لقيت اهتماماً كبيراً من الصين باعتبار أن هذا التكتل فيما لو حصل لكان حتماً سيكون بتعاون وتنسيق مع الصين التي كانت وحتى قبل إطلاق مبادرة (الحزام والطريق) تنسق مع دول المنطقة لتكون هذه الدول وفي مقدمتها سورية مقراً وممراً لها إلى أوروبا، المبادرة الثانية، كانت (الاتجاه شرقاً) وهذا يعني تعاون سورية مع كل من روسيا والصين في مختلف المجالات، وهذا ما جعل الغرب يُسعّر من حربه ضد الدولة السورية في لبنان في ذلك الوقت وبدعم من دول عربية وإقليمية.

الخلاصة، أن العلاقات السورية الصينية علاقات راسخة متينة تزداد قوة يوماً بعد آخر والسبب الأبرز أن الأمريكي يضع هاتين الدولتين ضمن أولوياته وإن اختلف حجم كل منهما وقوته ومكانته ومكانه.

غسان رمضان يوسف – كاتب وباحث سوري في شؤون الصين وشرق آسيا