دعا وزير الصحة والخدمات البشرية الأميركي كزافييه بيسيرا منظمة الصحة العالمية إلى إجراء تحقيق في المرحلة الثانية من نشأة فيروس كورونا في رسالة بالفيديو في الاجتماع الوزاري السنوي لجمعية الصحة العالمية التابعة لمنظمة الصحة العالمية.
تشير المرحلة الثانية تحديداً إلى مزيد من التحقيقات في مدينة ووهان وذلك وفقاً لبعض الآراء العامة الغربية، بالإضافة إلى ذلك تنشر وكالات الاستخبارات الأميركية معلومات خاطئة مفادها أن ثلاثة باحثين من معهد ووهان الصيني لعلم الفيروسات أصيبوا بأعراض COVID-19 في تشرين الثاني 2019، ومن الواضح تماماً أن بيسيرا كان يستهدف الصين، وردد ممثلون من أستراليا واليابان والاتحاد الأوروبي لهجة خطابه الهجومية نفسها.
قبل اجتماع جمعية الصحة العالمية، أعدت واشنطن الرأي العام للتلاعب بنظرية تسرب المختبر مرة أخرى، ومن غير المعروف ما إذا كان هذا مصادفة. ومع ذلك قام الدكتور أنتوني فاوتشي، أحد كبار الخبراء الأميركيين في الصحة العامة، والذي كان يعتقد العام الماضي أن النظرية مؤامرة، بتغيير ملاحظاته مؤخراً بالقول إنه “غير مقتنع” بأن COVID-19 تطور بشكل طبيعي وعلق قائلاً :”أعتقد أننا يجب أن نستمر في التحقيق بما حدث في الصين”.
إن تحقيق منظمة الصحة العالمية في المرحلة الثانية ضروري، لكن يجب أن يكون تحقيقاً شاملاً، وليس تحقيقاً يركز فقط على مدينة ووهان الصينية. حيث خلص فريق خبراء المنظمة الذي زار ووهان في وقت سابق من هذا العام بالفعل إلى أنه من غير المحتمل أن يكون الفيروس قد تسرب من مختبر صيني. ولكن عندما تتحد الولايات المتحدة مع حلفائها لوضع علامة “غير مستقل” و “عدم شفافية” على تقرير منظمة الصحة العالمية، فإنها تضع هدفها السياسي فوق الروح العلمية لفريق خبراء منظمة الصحة العالمية.
صرح معهد ووهان لعلم الفيروسات أنه لم يكن لديه أي إصابات بين الموظفين منذ تفشي COVID-19، وإن “المخابرات” الأميركية هي شريرة، لأنه عندما تقوم منظمة الصحة العالمية بإجراء تتبع منشأ COVID-19 ، عليها كسب التعاون الصريح من العلماء المحليين والوكالات الإدارية، وقد أعرب فريق خبراء منظمة الصحة العالمية عن ارتياحه وتقديره لتعاون الصين.
تريد الولايات المتحدة افتراض الجرم وتعتزم إجراء تحقيق على غرار “هولمز”، وهذا غير عملي وغير منطقي على الإطلاق في القضايا العلمية، وهو إهانة سياسية للعلماء الصينيين والوكالات الإدارية.
إذا كانوا يرون نظرية “التسرب في المختبر” كأحد اتجاهات التحقيق، فلا ينبغي أن يكون معهد ووهان لعلم الفيروسات هو الوحيد المدرج في لائحة التحقيق، فمنذ عام 2019 أظهر Fort Detrick biolab العديد من العلامات الجديرة بالاهتمام، ويجب تضمينها في المجموعة الأولى من الأهداف للتحقيق فيها. بالإضافة إلى ذلك قامت الولايات المتحدة أيضاً ببناء عدد مذهل من” البيولاب” في آسيا، والتحقيق فيها هو مشروع عاجل يجب إضافته في تتبع منشأ COVID-19.
عندما أكدت ووهان لأول مرة انتقال العدوى من إنسان إلى إنسان في المرحلة المبكرة من وباء COVID-19 وأطلقت حالة التأهب الوطنية، لم يكن هناك سوى عدد قليل من الحالات التي يمكن تحديدها. وقد أظهرت الأحداث اللاحقة أن مثل هذا الحجم من انتشار الوباء الذي حدث في ووهان، بالكاد تلقى نفس الدرجة من الاهتمام في الولايات المتحدة. هل كانت هناك حالات COVID-19 فيما يسمى بـ “الأنفلونزا” الشديدة في الولايات المتحدة من قبل؟ تدعو الكثير من المعلومات الجديدة إلى إجراء تحقيق من قبل خبراء منظمة الصحة العالمية في هذا الموضوع.
إذا كانت جهود تتبع منشأ الفيروس تركز على العلم بدلاً من السياسة، فإن توسيع نطاق التحقيق أمر منطقي وعقلاني تماماً، ومع ذلك تستخدم الولايات المتحدة بشكل متكرر أدوات الرأي الخاصة بها وبحلفائها للفت الانتباه إلى ووهان، خاصةً أن المختبر هناك، ومن الواضح أنها مناورة سياسية بحتة.
تستخدم الولايات المتحدة موضوعات مثل جزيرة تايوان ومنشأ فيروس كورونا الجديد للضغط على منظمة الصحة العالمية بدلاً من التركيز على كيفية السيطرة على الوباء في أسرع وقت ممكن وتوزيع لقاحات COVID-19 بشكل عادل، وهذا يعكس نقاط ضعف واشنطن وحلفائها الرئيسيين. حتى الآن لم تقدم واشنطن سوى القليل من الدعم المادي لمكافحة الوباء. وبدلاً من ذلك كانت تتحدث بصوت عالٍ لفرض حصار على الصين التي تُعتبر أكبر مورد لمنتجات مكافحة الوباء في العالم، ولطالما كانت الولايات المتحدة أكبر قوة معطلة في التعاون العالمي ضد الفيروس.
الأمر المؤسف هو أن الولايات المتحدة، بصفتها أقوى دولة في العالم إلا أنها لا تهتم مطلقاً بالعدالة العالمية، ولا بالحاجة الملحة لمكافحة الوباء بشكل مشترك. كل ما يهمها هو استغلال كل فرصة لقمع “منافستها الاستراتيجية”، الصين.
المصدر: Global Times