يحيي أهلنا في الجولان السوري المحتل غداً الذكرى الـ 39 للإضراب الشامل ضد قرار الاحتلال الإسرائيلي الباطل بضم الجولان إلى كيانه الغاصب في تقليد وطني سنوي يؤكدون من خلاله تمسكهم بالهوية العربية السورية ومواصلة نضالهم وتصديهم لكل المخططات الاستيطانية الإسرائيلية في الجولان المحتل حتى تحرير كامل ترابه وعودته إلى الوطن.
ملحمة بطولية سطرها أهلنا في الجولان المحتل بإضرابهم الشامل في الرابع عشر من شباط عام 1982 حين تصدوا لقرار كنيست الاحتلال الإسرائيلي المشؤوم بضم الجولان المحتل وفرض القوانين الإسرائيلية على أبنائه والذي صدر في الـ 14 من كانون الأول عام 1981 حيث أطلقوا شعار “المنية ولا الهوية” على إضرابهم المفتوح رفضاً لفرض “الهوية الإسرائيلية” ولقرار الضم الباطل وللتأكيد على تمسكهم بهويتهم الوطنية ومواصلة نضالهم في مواجهة إجراءات الاحتلال التعسفية حتى تحرير الجولان والعودة إلى الوطن سورية.
مسيرة النضال لأهلنا في الجولان السوري المحتل ضد الاحتلال الإسرائيلي ومخططاته وقراراته العنصرية حافلة بمحطات مقاومتهم له منذ أن دنس تراب أرض الجولان في عام 1967 ولعل الإضراب الشامل الذي أعلنوه قبل 39 عاماً كان أبرز تلك المحطات وجاء بعد اجتماع شعبي تنادى إليه أهالي الجولان بمشاركة الآلاف منهم في الثالث عشر من شباط عام 1982 وقرروا فيه إعلان الإضراب للتأكيد على رفضهم القاطع قرار الضم ومقاومة كل إجراءات الاحتلال والتمسك الثابت بهويتهم الوطنية السورية.
قوات الاحتلال وفور إعلان الإضراب قامت بفرض حصار عسكري شامل على القرى والبلدات في الجولان ومنعت وصول المواد الغذائية وقطعت الكهرباء عن الأهالي في محاولة للتعتيم على ما يجري وعزلهم عن العالم الخارجي للضغط عليهم وإجبارهم على إنهاء الإضراب والقبول بقوانينها كما عمدت إلى اعتقال عشرات الشبان من أبناء الجولان بعد حملات مداهمة للبيوت وفرضت منع التجول في مختلف القرى.
أهالي الجولان العزل قابلوا الحصار الجائر وضغوط الاحتلال بالصمود والمقاومة والتجذر في أرضهم وقراهم وخاضوا خلال فترة الإضراب مواجهات عنيفة مع قوات الاحتلال كان أهمها معركة الهوية التي جرت في الأول من نيسان عام 1982 بعد أن اقتحمت قوات الاحتلال عدة قرى ونكلت بأهاليها وبعد أكثر من خمسة أشهر من الإضراب اضطر كيان الاحتلال إلى الاستجابة لمطالب الأهالي والتراجع عن مخططاته العنصرية لفرض “الجنسية الإسرائيلية” على أبناء الجولان بالتزامن مع تأكيد الأمم المتحدة والكثير من الدول الحرة في العالم أن قرار الكنيست الإسرائيلي بضم الجولان باطل ولا أثر قانونياً له وأن الجولان أرض سورية.
ورغم القمع والاعتقالات وعمليات التنكيل وكل الممارسات الجائرة على مدى 54 عاماً من الاحتلال واصل أهالي الجولان تصديهم لكل مخططاته ومن بينها ما تسمى “انتخابات المجالس المحلية” حيث أحرقوا في تشرين الأول 2018 البطاقات الانتخابية الصهيونية على مرأى من جنود الاحتلال المدججين بالسلاح تعبيراً عن رفضهم الشديد لإجراء تلك الانتخابات في قرى الجولان كما رفضوا بشكل قاطع المخطط الاستيطاني المتمثل بإقامة “مراوح هوائية” على مساحة تقارب ستة آلاف دونم في عدد من المواقع المحيطة بقرى مجدل شمس وعين قنية وبقعاتا ومسعدة والذي يهدف إلى الاستيلاء على أراضيهم وتهجيرهم منها.
وفي التاسع من كانون الأول الماضي أعلن أهلنا في الجولان إضراباً شاملاً شمل كل المرافق الحياتية لمنع الاحتلال الإسرائيلي من تنفيذ مخططه التوسعي إقامة “مراوح هوائية” على أراضيهم حيث بدؤوا منذ ساعات الصباح الباكر التجمع بين قريتي مجدل شمس ومسعدة المحتلتين وانقسموا إلى مجموعات انتشرت في الأراضي المزمعة إقامة مراوح عليها فيما أغلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي عدداً من المداخل الرئيسة لقرى الجولان السوري المحتل ومنعت الأهالي من الوصول إلى أراضيهم الزراعية في المناطق التي يعتزم الاحتلال إقامة توربينات عليها.
صمود أهالي الجولان المحتل وتمسكهم بحقوقهم وأراضيهم الذي عبروا عنه من خلال المظاهرات والاحتجاجات والغضب العام في قرى مجدل شمس وبقعاثا ومسعدة وعين قنية رغم اعتداء قوات الاحتلال على الأهالي بالرصاص والغاز المسيل للدموع أجبر الاحتلال على الرضوخ لمطالبهم بعدم دخول أراضي بلدة سحيتا المحتلة مجدداً لإقامة توربينات هوائية وعلى الإفراج تباعاً عن المعتقلين الذين شاركوا في التصدي لمخطط المراوح التوربينية على أراضيهم.
واليوم وفي الذكرى الـ 39 للإضراب الشامل يؤكد أهلنا في الجولان السوري المحتل أن ذكرى الإضراب تزرع فيهم الأمل والعزيمة لمزيد من الصمود والمقاومة وإفشال كل مخططات الاحتلال بحق الجولان أرضاً وتاريخاً وسكاناً وأنه مهما أوغل الاحتلال في ممارساته وإجراءاته وقراراته الباطلة المرفوضة سيبقى أهلنا في الجولان على العهد يجددون في كل مناسبة التأكيد على موقفهم الثابت بأن الجولان المحتل جزء لا يتجزأ من أرض سورية وبأن الهوية السورية صفة ملازمة لهم لا تزول وهي تنتقل من الآباء إلى الأبناء وأن أرضهم ملكية مقدسة لا يجوز التنازل أو التخلي عن شبر منها للمحتل الإسرائيلي مؤكدين انتماءهم لوطنهم سورية وتمسكهم بالهوية العربية السورية مواصلين مسيرتهم النضالية ومقارعة الاحتلال وإجراءاته القمعية التعسفية حتى تحرير كل شبر من تراب الجولان السوري المحتل.
سانا