لا أقصد بها المسرحية التي كان بطلها الفنان عبد الحسين عبدالرضا رحمه الله، والفنانة القديرة حياة الفهد منذ عقود مضت.. ما قصدته هو سؤال واحد: هل حب المعرفة والبحث هو الذي وصل بنا إلى هذا التدهور الفكري (ونحن أمة اقرأ)؟! وهل البحث عن الحقائق يعني أن ننسى حاضرنا وماضينا وقيمنا؟! إنه والله عنوان الجهل.. هل نبحث عن حقائق الأمور بغرض الطمأنينة ومعرفة الأفضل والأصح، بينما نحن دخلنا في طرقات عالم الباطل، فقدنا هويتنا وكل شيء بات مغلفاً بالتشويش.. حتى بات البعض يستعرُ من تاريخه وتاريخ أجداده، ذهبنا جميعاً لاهثين وراء قشور العلم تحت مسمى التقدم الأوروبي والحضارة الغربية، ونسينا ما هو أهم، لقد سلبونا أراضينا، اقتصادنا، ومزقوا قيمنا وعاداتنا حتى أننا نتباهى بأي شيء نقتنيه أنه أوروبي المنشأ. فهل سألنا أنفسنا إذا كان الإنسان الغربي يفعل فعلنا؟ سأجيبكم: هو لن يفعل ذلك قطعاً، هل تعلمون لماذا؟ لأنهم يخططون ويرسمون لكل شيء لمئة عام، فهم يصادرون علماءنا ومفكرينا، ويقدمون لهم كل المغريات لاستخدام معلوماتهم وأفكارهم في شتى المجالات، هذا أولاً، أما ثانياً فقد وصلنا إلى باب مسدود، فليس لدينا أي نوع من الصناعة نصدره للخارج، لأننا فقدنا إنساننا العربي الذي لا يقل شأناً عن غيره، لكنه إن وجِدَ فهو مكبّل ومقيّد ومهمّش، كما هو الحاصل بمعظم عالمنا الحالي، طالما اعتدنا أن نرى في بلداننا أن المهندس المعماري يعمل موظفاً في أحد البنوك، وأن يُدَرّس استاذ اللغة الإنكليزية مادة التاريخ، وخريج النووي يعمل بالكهرباء والماء.. لقد سحقتنا حضارة الغرب سحقا، قتلتنا المغريات في الوقت الذي كان علينا أن نعتز بأصالة ما نملكه في كل المجالات مع تحديث أخلاقي، عروبي لا يفقدنا هويتنا ولكنها السياسة أيها الأحبة، السياسة الغربية التي تمارس علينا وليت الأمر توقف عند التقليد الأعمى والاقتناع بأن كل ما يفعلونه هو الأجمل وهو الأكثر حضارة. وفي الوقت الذي تتباهى فيه بقية الأمم بثقافتها، إضافة إلى تطورها، نركض خلف التكبّر والتعالي الفارغ بدلاً من أن نفتح أعيننا جيداً، لقد كان هذا الوطن الممزق الآن إلى دول منهارة تعاني الحروب والتشتت والقهر، كان أهم مدخل لكل شعوب الأرض تنهل من علومه ومعارفه، فأعادونا وبذكاء إلى الحالة البدائية، إلى العصبيات والطائفية، فبدلاً من أن نعكف على مفاهيم راقية كالتعاون والتفاهم، تقوقع كلٌ على حدة تحت مسميات مصطنعة، وأما أعداؤنا فباتوا يتدخلون علناً في كل شيء محققين بذلك هدفهم.. وللأسف كان لهم ما أرادوا، فوالله إننا في واقع لا نُحسَدُ عليه البتة، إلى أين تأخذنا هذه الدروب الملغومة ومازلنا نسير قُدماً..لا شيء يدعو للتفاؤل، وهل ستصبح عبارة السلام عليكم عبارة تنم عن جهل وتخلف؟! هذا ما أخشاه حياكم الله يا عرب.. وباي باي عرب..
القبس – فخري هاشم السيد رجب
للمزيد: https://alqabas.com/article/5834756