جاء هذا في مقال نشره ريتشارد هورتون رئيس تحرير المجلة الطبية العالمية الموثوقة “ذي لانسيت”، في صحيفة “الجارديان” البريطانية، وذكر فيه أن الساسة الغربيين يعززون هجماتهم على الصين بقيادة الإدارة الأمريكية، ولكن يبدو أن هذه الأصوات المناهضة للصين “تتعارض مع الوقائع”، لأن العلماء الصينيين قدموا مساهمات بارزة في الاستجابة العالمية للوباء.
وأظهرت تصريحات هورتون أن العالم كله أدرك مهزلة الساسة الأمريكيين للتهرب من مسؤولية الفشل في مواجهة كوفيد-19 وإلقائها على كتف الصين، إلا أن هؤلاء الساسة لا يزالون مدمنين على هذه الخدعة القديمة على خلفية تفاقم الأوضاع الوبائية واقتراب موعد الانتخابات الرئاسية، حيث ذكروا مصطلح “فيروس الصين” من جديد مراراً وتكراراً في مناسبات عديدة، ما جعل وسائل الإعلام الأمريكية لا تطاق.
وعندما استخدم بيتر نافارو المستشار التجاري للبيت الأبيض، مصطلح “فيروس الصين” مرة أخرى، خلال مقابلة مع شبكة “سي إن إن” الإخبارية، قاطعه مقدم البرنامج قائلاً له: “من فضلك لا تستمر في قول هذه الكلمة في البرنامج”.
وفي الحقيقة، إن هناك مجموعة من الوقائع تدحض الشائعات بشأن تسرب فيروس كورونا الجديد من مختبر صيني، حيث اكتشف باحثون إسبان الفيروس في عينات مياه الصرف الصحي التي تم أخذها في شهر مارس من العام الماضي، ما يدل على أن وقت ظهوره كان قبل اكتشافه في مدينة ووهان الصينية.
ومن جانبه، قال مايكل رايان رئيس برنامج الطوارئ الصحية بمنظمة الصحة العالمية، مؤخرًا، إنه من غير المؤكد أن ووهان هي المكان الذي انتقل فيه الفيروس عبر الأنواع الأحيائية.
أما إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) فأشارت في دراسة جديدة لها إلى أن الفيروس ربما يكون قد تكيف مع البشر قبل تفشيه في ووهان.
ومن الواضح أن ربط مصدر الوباء بالصين أمر لا أساس له من الصحة وسخف شديد، ففي مواجهة الحقائق والعلوم، لا يمكن لأداء السياسيين الأمريكيين إلا أن يعكس خطأهم في إصدار أحكام استراتيجية خطيرة، نتيجة سعيهم لتحقيق مصالح سياسية ضيقة.
فبسبب المكافحة غير الفعالة للمرض والحماسة لاستئناف النشاط الاقتصادي، انتعش الوباء في العديد من الولايات المتحدة بشكل حاد في الآونة الأخيرة، كذلك انخفض الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة بشكل حاد في الربع الثاني من العام بنسبة 32.9٪.
وفي ظل هذه الخلفية، تحاول واشنطن تحويل عدم الرضا العام عن سياستها إلى تشويه سمعة الصين.
وبالطبع، يعتبر السبب الأعمق في الحقيقة هو بعض القوى المتطرفة في الولايات المتحدة، التي تسعى عمداً إلى إثارة كراهية المجتمع الأمريكي للصين بسبب تحيزها هي تجاهها وكراهيتها لها، في محاولة لاستخدام الوباء لشن “حرب باردة جديدة” ضدها.
واليوم، ونحن في القرن الحادي والعشرين، يمثل استعادة ما تسمى “الحرب الباردة الجديدة”، فعلاً ضد تقدم التاريخ، ففي الوقت الحاضر، على جميع الدول أن تتصدى معاً لمكافحة الوباء وعودة الانتعاش الاقتصادي، والتضامن والتعاون هما أقوى الأسلحة لتحقيق هذا الهدف.
لذا ننصح الساسة الأمريكيين المعنيين بالعودة إلى المسار الصحيح للحوار والتعاون، ونقول لهم، إن أي فعل من أفعال التحريض على الصراع والمواجهة محكوم عليه بالفشل، وأي شخص يحاول إشعال “حرب باردة جديدة” سيتخلى عنه التاريخ بالتأكيد.
شينخوا