عرف غريغوريوس الرابع حداد بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذوكس بين عامي 1906 و 1928 بمواقفه الوطنية والإنسانية ولا سيما أن الحقبة التي شغل فيها الكرسي البطريركي كانت حافلة بالأحداث من الكفاح ضد الاحتلالين العثماني والفرنسي والحرب العالمية الأولى والمجاعات التي طالت بلاد الشام جراء الحروب على أراضيها.
وحفاظاً على سيرة البطريرك غريغوريوس الرابع على الشبكة العالمية عملت مؤسسة تاريخ دمشق على نشر دراسة تفصيلية حول محطات حياته الرئيسة ونشرها على صفحات موقع ويكيبيديا ضمن الاتفاق الموقع بين الطرفين الشهر الفائت.
البطريرك غريغوريوس ولد عام 1859 في قرية عبيه بقضاء عالية بجبل لبنان تحت اسم غنطوس جرجس حداد وبعد أن أنهى تعليمه انخرط في سلك الكهنوت منذ عام 1875 وحصل على لقبه الكهنوتي غريغوريوس وخلال خدمته لسنوات طويلة وتدرجه بمناصب دينية قام بعدة إنجازات منها المشاركة في تأسيس الجبهة العربية الأنطاكية للمطالبة بعودة الكرسي البطريركي ليكون من حق العرب بعد قرنين استحوذت عليه شخصيات أجنبية فضلاً عن تأسيسه جريدة الهدية.
وانتخب غريغوريوس بطريركا لأنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس في 6 آب من سنة 1906 في الكاتدرائية المريمية بدمشق خلفاً للبطريرك ملاتيوس الثاني الدوماني ليكون ثاني شخصية عربية تعتلي سدة الكرسي البطريركي الأنطاكي بعد تعريبه عام 1899.
وعمل غريغوريوس على تأسيس العديد من المدارس والكليات في لبنان وحمص وأطلق مجلة النعمة التي أصبحت النشرة الرسمية لبطريركية أنطاكية كما حقق نجاحات على صعيد التواصل مع أبناء المهجر.
ويتوقف المؤرخون كثيراً عند مساندته لسكان بلاد الشام خلال المجاعة التي استفحلت في البلاد أثناء سنوات الحرب العالمية الأولى حيث فتح باب المقر البطريركي في الكنيسة المريمية أمام المحتاجين من كل الأديان واستدان أكثر من عشرين ألف ليرة ذهبية لمساعدة المتضررين ولتأمين ثمن القمح اللازم لإطعام الجائعين كما باع صليبه الذهبي الذي أهداه إياه القيصر الروسي نيقولا الثاني.
أما على صعيد النضال الوطني فقد كان البطريرك غريغوريوس صاحب مواقف داعمة للاستقلال ورافضة للاحتلال الأجنبي فأيد الدولة العربية التي تأسست في سورية بعد تحريرها من الاحتلال العثماني في تشرين الأول عام 1918 ونادت بفيصل بن الحسين ملكاً على سورية كما أيد مطالب المؤتمر السوري العام الأول بوحدة أراضي سورية ومن ضمنها فلسطين واستقلالها ورفض نظام الانتداب.
وإزاء مواقفه الرافضة للاحتلال الفرنسي تعرض لكثير من التضييق والحد من حريته وصلاحياته فاضطر لترك دمشق والإقامة في قرية نائية بريف لبنان حتى وافته المنية في الـ 12 من كانون الأول عام 1928.
وعندما خرجت جنازته باتجاه دمشق ليوارى جثمانه في الكاتدرائية المريمية شيع جثمانه ما يقارب خمسين ألفاً من أهالي دمشق لوداع رجل وقف معهم في محنهم وأزماتهم.
سانا