أعادت مشاهد الانفجار الهائل الذي عصف بمرفأ بيروت إلى أذهان الكثيرين كارثة إلقاء القنبلة النووية الأولى في التاريخ على مدينة هيروشيما في اليابان بنهاية الحرب العالمية الثانية.
بدا الانفجار في مستودع نترات الأمونيوم في مرفأ بيروت، بسحابته الضخمة شديد الشبه فعلا بما يعرف بالفطر النووي الذي يلي التفجيرات النووية.
ويقترب التدمير الهائل الذي وثقته الصور والمشاهد في بيروت، مما تعودنا على رؤيته في صور هيروشيما القديمة، بعد أن سحقتها القنبلة النووية الأمريكية وحولتها إلى رماد وأرض يباب.
المفارقة أن الانفجار المروع في مرفأ بيروت، حصل قبل وقت قصير جدا من الذكرى 75 لإلقاء الولايات المتحدة قنبلتها النووية على هيروشيما في عام 1945، ما تسبب في مقتل أكثر من 140 ألف شخص، من سكانها البالغ عددهم حينها نحو 350 ألف نسمة.
وعلى الرغم من الفارق الكبير بين الكارثتين في الظروف والأحوال، إلا أن سحابة الانفجار الضخمة والتدمير الهائل جعلاهما تبدوان قريبتين أكثر مما هما عليه.
كما لو أن بيروت بجراجها ودمائها ودموعها ونزيفها، تفتدي الإنسانية بأسرها، وتدعوها بهذه المفارقات والمصادفات الموجعة، إلى استخلاص الدرس بشكل نهائي ووضع حد للموت المجاني حربا وسلما.
بنهاية المطاف، تزامنت الكارثتان في التوقيت تقريبا، وأصبحت بيروت قريبة من هيروشيما، فهما ضحيتان ضربتا بعنف وقسوة بالغتين، ودخلتا معا التاريخ من باب الكوارث الكبرى.
صحيح أن حجم الكارثتين مختلف، إلا أن الزمن ضمّد بعصاه السحرية أوجاع هيروشيما، فيما لا تزال جراح بيروت مفتوحة ووجعها شديد.
محمد الطاهر
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب