منذ إقامة ما سُمي بـ (التحالف الدولي ضد داعش ) في السابع من أغسطس/آب 2014، بكلمة للرئيس الأميركي السابق باراك أوباما ، وبدء عمله في سورية بتاريخ 10 سبتمبر/أيلول 2014، وادعاء الولايات المتحدة أنها أقامت هذا التحالف بهدف محاربة داعش في المنطقة ، والقوات الأمريكية ترتكب جرائم حرب متنوعة وفظيعة بحق الشعب السوري المتواجد في تلك المنطقة .
جرائم الحرب الأمريكية بدأت باحتلال القوات الأمريكية لمنطقة الجزيرة السورية وإقامة قواعد عسكرية ومطارات غير شرعية عليها مخالفة بذلك اتفاقية لاهاي لعام 1907 .
ولم تكتف القوات المحتلة بذلك بل تحالفت مع ( ميليشيا قسد الكردية الانفصالية ) وعملت على ملاحقة السكان المدنيين وهدم بيوتهم وحرق قراهم وقصفهم بالطائرات بحجة دعمهم لداعش ، ما أدى إلى مقتل المئات وتشريد الآلاف منهم ، كما عملت مع هذه الميليشيات على تدمير مدينة الرقة بأكملها ما يشكل انتهاكاً لاتفاقيات جنيف الرابعة والمادة 147″منها.
ومن المجازر التي ارتكبتها طائرات التحالف وراح ضحيتها مدنيون على سبيل المثال لا الحصر :
– 4 أكتوبر 2017 قُتل ما لا يقل عن 18 مدنياً جراء غارة للتحالف الدولي استهدفت آباراً للمياه أثناء تجمع السكان قربها في مدينة الرقة في شمال سوريا.
– 5 يونيو / حزيران 2018 قصفت طائرات التحالف الدولي قرية جزاع، شمال الدشيشة في الريف الجنوبي لمدينة الشدادي، ما أسفر عن مقتل 10 مدنيين، من بينهم نساء وأطفال.
– 9 نوفمبر 2018 قتلت طائرات التحالف الدولي 20 مدنيا بينهم 9 سيدات وطفلان في غارة على منطقة الهيشة قرب الرقة.
– 29 نوفمبر 2018 طائرات التحالف الدولي تستهدف منازل في منطقة الكشمة عند الضفاف الشرقية لنهر الفرات، القريبة من الشعفة، ما تسبب بقتل 12 شخصاً على الأقل.
وكانت سوريا طالبت مجلس الأمن بوقف جرائم التحالف الدولى في رسالة بعثتها بتاريخ 12/2/2019
وأكدت الخارجية السورية، فى رسالتين وجهتهما إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن، مقتل 16 شخصا بينهم 7 أطفال وإصابة 70 آخرين جراء غارات شنها التحالف على مخيم للمدنيين فى قرية الباغوز بريف محافظة دير الزور، وهذه الرسالة لم تكن الوحيدة التي ترسلها الخارجية السورية إلى مجلس الأمن والجمعية العامة بل هي واحدة من عشرات الرسائل الموجهة للمنظمة الدولية.
جرائم اقتصادية ( سرقة النفط مثالاً)
جرائم الاحتلال الأمريكي امتدت إلى اقتصاد الشعب السوري حيث قام الاحتلال الأمريكي بالاعتماد على مرتزقة محليين لسرقة النفط السوري بأمر مباشر من الرئيس دونالد ترامب بعد تراجعه عن قرار سحب قواته في أواخر العام 2019 وتأكيده على ضرورة أن تأخذ الولايات المتحدة حصتها من هذا النفط ، مقترحا إرسال شركات أمريكية للتنقيب عن النفط والغاز وإدارة الحقول ، وقد حصل ذلك بالفعل منذ القضاء على داعش في بلدة الباغوز في الثالث والعشرين من آذار/مارس 2019 والجريمة الأكبر التي ترتكبها الولايات المتحدة والتي تخالف كل القوانين الدولية هي توقيع قائد ميليشيا “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، مظلوم عبدي، اتفاقية مع شركة نفط أمريكية من أجل تحديث آبار النفط التي تسيطر عليها القوات بدعم الولايات المتحدة الأمريكية في شمال شرقي سورية .
الجريمة ارتكبت خلال جلسة للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي بحضور وزير الخارجية، مايك بومبيو، يوم 30 تموز/يوليو الماضي ، الذي أكد أن “الاتفاقية أخذت وقتًا أكثر مما كان متوقعًا”، مضيفًا “نحن في إطار تطبيقها الآن”. ، وهذا ما يحمل الإدارة الحالية المسؤولية الكاملة عن سرقة النفط السوري، ومسؤولية تكريس الانفصال لجزء من سورية دون موافقة شعبها وحكومتها والتصرف بثروات شعب بأكمله دون الرجوع إليه .
قد يقلل البعض من أهمية تصريحات وتصرفات ترامب وبومبيو بخصوص النفط السوري، لكن سلوك ترامب وسياسة إدارته، وخصوصا عندما يتعلق الأمر بالنفط والموارد الاقتصادية الأخرى يدل على مدى استخفاف الإدارة الأمريكية بالقوانين والشرائع والأعراف الدولية ، بغض النظر عن حق الشعب السوري في هذا النفط الذي يعاني في الوقت ذاته من نقص في الوقود والكهرباء ، وهو يرى بعينه سرقة ثرواته بأيادي المحتلين.
ترامب نفسه كان قال في ديسمبر 2019 : القوات الأمريكية تحرس النفط السوري لأنه أصبح لنا” مخالفاً ما جاء في اتفاقية جنيف الرابعة التي تنص على أن سرقة الثروات الباطنية هي جريمة حرب وبنفس الوقت جريمة ضد الإنسانية .
قانون قيصر جريمة بحد ذاته
فرضت أمريكا عقوبات اقتصادية أحادية الجانب على سورية تحت ما يُسمى قانون قيصر” بقرار منفرد وصادر عن الكونغرس الأمريكي بتجاوزه الحدود الإقليمية ، وهذا القانون سوف يؤثر على الاقتصاد السوري وعلى الشعب السوري الذي سيعاني من الجوع ونقص في الغذاء والدواء ما يُشكل جريمة ضد الإنسانية وجريمة حرب.
حرق القمح السوري
نشرت قناة سكاي نيوز العربية وقنوات إعلام محلية أن طائرات تابعة للجيش الأمريكي أقدمت على إحراق مئات الدونمات من حقول القمح والشعير عبر رميها “بالونات حرارية” فوق الأراضي الزراعية ما أدى إلى إحراق مساحات من حقول القمح في محافظة الحسكة السورية في خمس قرى بريف بلدات تل براك والهول والشدادي جنوب شرقي المحافظة.
وكان تقرير لموقع “إنترناشونال بزنس تايمز” الإخباري الأميركي ذكر أن مجموع المساحات التي أحرقتها القوات الأميركية، يوم 17 مايو، تجاوزت الـ300 هكتار، تتوزع على أرياف حلب والرقة والحسكة
دعم المنظمات الإرهابية بالسلاح والذخيرة
جرائم أمريكا لم تتوقف عند هذا الحد بل قامت واشنطن بدعم تنظيم “داعش ” الإرهابي” في سورية المتفرع عن تنظيم “القاعدة” الإرهابي ، كما دعمت جبهة النصرة في سورية المتفرعة أيضاً عن تنظيم القاعدة ، وهذا الدعم ما زال قائماً من خلال دعم تواجد تركيا في المناطق التي تحتلها شمال سورية ومحافظة ادلب والتي تعج بالمنظمات الإرهابية وعلى رأسها هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) والحزب الإسلامي التركستاني وحراس الدين وأجناد القوقاز والكتيبة الألبانية ومجموعات الاوزبك .. الخ حيث تقوم أمريكا بتسليح هذه المنظمات الإرهابية بصواريخ تاو المضادة للدبابات وصواريخ ستينكر المضادة للطائرات والصواريخ بعيدة المدى التي تستهدف المناطق السكنية في محافظات حلب وحماة واللاذقية ، وهي التي ساعدت تركيا في نقلهم إلى الداخل السوري ، وهي من تساعدها على استخدامهم في ليبيا وأذربيجان ما يجعلهم أصحاب خبرة ومن أشرس الإرهابيين في العالم.
الولايات المتحدة تشارك إسرائيل في احتلال الجولان ونهب ثرواته
جرائم أمريكا تقودنا أيضاً للحديث عن توقيع ترامب على قانون أمريكي يقول بسيادة إسرائيل على الجولان السوري المحتل وهذا يعد خرقاً للقوانين والقرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن الدولي رقم 237 و242 و338 و497 التي تؤكد كلها على أن الجولان سوري وأنه أرض سورية احتلتها إسرائيل في العام 1967.
يقول المحامي محمود مرعي رئيس الرابطة العربية لحقوق الانسان في سورية : من الضروري رفع دعاوى ضد أمريكا أمام القضاء السوري و الأوروبي والأمريكي بجرائم اختراق السيادة السورية واحتلال الأرض وسرقة النفط وحرق حقول القمح وسرقة محاصيل القطن وقتل وجرح وتشريد أبناء مدينة الرقة وتدميرها، إضافة لفرض عقوبات اقتصادية أحادية الجانب ضد الدولة السورية والشعب السوري و من أجل فضح دسائسها وجرائمها أمام العالم.
ونوه مرعي بتضامن عدد كبير من المحامين السوريين والعرب والأجانب إضافة لمنظمات حقوق الإنسان العربية والدولية وشخصيات سياسية وحقوقية من جميع الدول
العربية، مع الحق السوري، وكشف أنه تم التواصل مع الجهات القضائية المختصة في سورية، إضافة إلى إرسال رسائل للأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بالعالم، تفضح الجرائم الأمريكية في سورية، وتدعو إلى وقفها، ومعاقبة الولايات المتحدة.
وشدد مرعي على ضرورة توحيد مواقف الشعب السوري مع مواقف أشقائه العرب ومواقف الشعوب المحبة للسلام للوقوف ضد جرائم الولايات المتحدة الأمريكية في سورية والوطن العربي والعالم.
والسؤال : لماذا لا تلتزم الولايات المتحدة الأمريكية بالقانون الدولي؟ ولماذا لا تلتزم بقرارات مجلس الأمن ؟ ولمَ لم توقع على اتفاقية روما ؟ الجواب ، كي لا تخضع هي وضباطها وجنودها للمحاكمة أمام المحكمة الجنائية الدولية، لذلك فهي لم ترتكب جرائم حرب في سورية لوحدها وإنما في كل الدول التي دخلتها قواتها والسبب أنها تعرف أن لا أحد يقدر على محاسبتها ، فهل حان الوقت للتحرك خارج محكمة العدل الدولية وكسر هذه القيود وجر مرتكبي هذه الجرائم إلى العدالة ؟!.
غسان رمضان يوسف – كاتب سياسي سوري – رئيس تحرير موقع أصدقاء سورية