النمط السريالي المشبع بالفلسفة يحضر في لوحات التشكيلي محمد غانم

الفن ليس رفاهية للتشكيلي محمد غانم وإنما خيار لمواجهة القبح وتراجع المعرفة وظهور الإسفاف في مفاصل الحياة معتمداً في ذلك على شكل سريالي يحمل أفكاراً وفلسفات.

اختيار غانم للنمط السريالي جاء كما يوضح في مقابلة مع سانا بهدف تنحية العقل المقولب ضمن مفاهيم جامدة لينطلق إلى اللاوعي ضارباً لذلك مثالاً لوحته “الخدش” التي قدم عبرها نظرة جديدة للفروسية فدعا لتنحية الحروب جانباً وفرض فيها الشكل الإنساني فرسم الجبال بعيدة كناية عن تهميش الحروب ووضع الأنثى في المقدمة والفارس بالعمق يرسم بريشته لا برمحه.

وعما إذا كانت بساطة الفن ليفهمه الناس تناقض ما يدعو له من فكر يرى غانم أن الدعاوى القائلة بتبسيط الفن أطلقتها الرأسمالية لأنها تدعم كل ما هو مادي وتتحاشى الجوهر وتنبذ الفكر والفلسفة مشيراً إلى أن البساطة يفترض أن تتأتى من قمة التعقيد معتبراً أن الغموض والبساطة في التشكيل ينبعان في النهاية من فكر شخصية الفنان.

ويظهر الموت كحالة متكررة في أعمال غانم ويعزو ذلك إلى أن هذه الحالة ظلت على الدوام مدعاة للقلق والرهبة عند الإنسان حيث أن التعامل معها فنياً يتيح كسر البديهيات والغوص في رحلة بحث وتجريب عن الإبداع والخروج منها لعشرات الأفكار.

وعن لوحته الأخيرة “الدوامة” بين غانم أن فكرتها تحاول التعبير عن نهاية افتراضية للبشرية بأسلوب يعكس ما سماه مراهقة البشر التي تعانيها الأرض حالياً من طيش وتسلط وأنانية وضياع الحكمة وكأننا لم نستفد من تجاربنا.

ويوضح غانم أن مكونات اللوحة من لون وخط تظهر عنده كإرهاصات نفسية فهو لا يختار لوناً ولا خطاً بذاته ولا حتى يفكر بذلك حتى لا تفقد اللوحة بريقها ودهشتها لافتاً إلى أنه عندما يرسم يدخل في عالم منفصل عما حوله حتى عن اللوحة ذاتها ولو فكر قليلاً باللون القادم ستكون النتيجة فشلاً ذريعاً في الوقت ذاته معتبراً أن الفنان المبدع لا تعنيه المعطيات النقدية ولا الدراسات الفنية.

غانم الذي يؤمن بأن اللوحة هي التي تفرض المدرسة الفنية يفضل تسمية سريالية التصوف على أعماله ل

أنها ترتكز على الأحلام وحالة الدخول في غيبوبة الوعي وتنحية العقل.

وعن تداخل الفنون يشير غانم إلى أن كل فن مستقل بذاته فاللوحة تعتمد على ذائقة وتأمل وتفاصيل بصرية أما الشعر فشيء مختلف ولا يمكن تحويل الموسيقا ولا اللون إلى كلمة وأن ما يجمع بين الشعر والموسيقا والفن التشكيلي برأيه هو القدرة على تجسيد إحساس أو فكرة أو حالة ولكن كل بطريقة مغايرة.

وبالنسبة للصعوبات والعراقيل التي قد تواجه الفنانين يدعو غانم لضرورة أن يتخطى الفنان كل ما يقف بطريقه حيث لا يؤثر فيه اقتناء أعماله ولا يشغله التسويق لها أو المشاركة في معارض أو الانتساب لجمعيات تعنى بالفن معتبراً أن على الفنان أن يرسم ليستمتع في البحث داخل ذاته.

ويأمل الفنان غانم الذي يهوى الانزواء مع لوحاته في مرسمه رغم مشاركته بمعارض في أن يجد من يفهم طريقته في العرض داعياً إلى أن تعزز المؤسسات الثقافية دورها تجاه الفنانين وخاصة لجهة تفعيل الجانب الجماهيري.

يذكر أن غانم درس الفن لأربع سنوات في مركز الفنون التشكيلية باللاذقية وشارك في معارض داخل سورية وخارجها ويقوم حالياً بتدريس الرسم للأطفال ولاسيما من ذوي الإعاقة.

سانا