رفيقة نهر العاصي على مر العقود وروح مدينة حماة السورية ورمزها.. قلبها النابض على مر السنين وحجر الزاوية في جمالها… نواعير حماة الأثرية… يعود تاريخها إلى عهد الآراميين هذا مابينته الآثار السورية من خلال منحوتات ولوحات أثرية تحمل صورَ النواعير كلوحة الفسيفساء التي اكتُشفت في مدينة افاميا الأثريةشمال مدينة حماة ويعود تاريخ هذه اللوحة لعام ٤٢٠م والمتواجدة في حديقة المتحف الوطني في دمشق، تم تصميم النواعير لرفع المياه من النهر ونقلها من خلال القنوات إلى الحقول الزراعية والمنازل حيث تدور الناعورة بسبب تيار النهر المتدفق وتغطس فيه وصناديقها منقلبة فارغة في النهر ثم ترتفع ممتلئة بمياه النهر وتصب في القنوات المائية، وعددها أكثر من ١٠٠ ناعورة بمقاييس مختلفة ولكل منها اسم، مايزال بعضها يعمل في سقاية الاراضي وبقي داخل مدينة حماة ٢٢ ناعورة يعمل منها ١٧ اشهرها البِشرية الكبرى والصغرى والناعورتان العثمانيتان وهما بارتفاع واحد واكبرها المحمدية في حي باب النهر التي صنعت في العهد المملوكي عام ١٣٦٢م تليها المأمورية الواقعة بالقرب من متحف حماه وصنعت بنهاية العهد المملوكي عام ١٤٥٣م وبجانب المأمورية ناعورة أصغر منها وهي المؤيدية من العهد العثماني والبقية تتوزع على حافتي النهر في المدينة وهي الجسرية والدهشة واليخضورة والقاق والدوالك والوسطانية والجعبرية والصاهونية والكيلانية والظوافرة وكلها في حالة جيدة إلى اليوم ومع كل ٢٠ ثانية تدور دورة كاملة تعطي فيها ٢٤٠٠ لتر من الماء.
أحياناً تعطي النواعير صوتا حزينا يتراوح مابين ٢٠و١٧٠ نغمة موسيقية، وقد تنوع فهم الأدباء والشعراء لصوت تلك النواعير فمنهم من يعتقد أنها تنوء بحملها والبعض يراها تغني طرباً وآخرون يرونها تبكي فراقا وهذا كان سببا في إثارة لوعة الأشواق في نفوس الشعراء الذين عبروا عن مافي داخلهم :
وناعورة في جانب النهر قد غدت
تُعبر عن شوق الشجي وتعربُ
حتى أن أمير الشعراء “أحمد شوقي” زار حماة ونواعيرها ومنها ناعورة الدهشة وعند رؤيتها قال :ليت على النيل نواعير مثلها وعندما أخبره محمد كرد علي الأديب والمفكر السوري قبل رحلته إليها، (نحن ذاهبون إلى بلد نصف أهله شعراء) فلما رأى حماه ونواعيرها وبساتينها قال :الغريب ألا يكون النصف الآخر شعراء أيضا
دورانها يلخص جمال حركة واستمرارية التاريخ وتفردها جعل اليونسكو تصنفها في قوائم التراث الإنساني والثقافي المحمي دولياً.
اعداد: مجد حيدر