الحرفي طلال سيف الدين… إبداع بفن الزخرفة والحفاظ على التراث

في عالم الفنون التقليدية حيث تلتقي الحرفية العالية مع التراث العريق يتألق الفنان طلال سيف الدين كأحد الحرفيين البارزين الذين أسهموا في الحفاظ على الزخارف التقليدية العربية والإسلامية.

فنون الزخرفة هذه التي تحمل في طياتها تاريخاً عريقاً وثقافة متأصلة في عمق الهوية العربية، تجد في أعمال طلال سيف الدين تجسيداً حياً لاستمراريتها وتطورها في العصر الحديث.

يقول طلال سيف الدين لمراسلة سانا إنه نشأ في بيئة غنية بالإبداع والحرفية، وكانت عائلته تمارس هذا النوع من الفنون منذ أجيال، متوارثة بتقنيات دقيقة وأساليب فنية أصيلة في مجالات مختلفة، مثل الزخرفة على الخشب القيشاني والأرضيات الحجرية، وعبر سنوات من التدريب المكثف والتعلم، تمكن طلال من إتقان هذه الفنون ليس فقط كحرفي بل كفنان يحمل رؤية معاصرة لإحياء التراث.

وأضاف: “الزخرفة على الخشب والقيشاني والتي تعتبر جزءاً أساسياً من التراث الثقافي تتطلب دقة بالغة وإحساساً عالياً بالجمال، وهذه الفنون لم تكن مجرد وسيلة للتجميل، بل كانت تحمل في طياتها رسائل ثقافية، كما كانت تعكس هوية المجتمعات التي أنتجتها”.

وفي أعمال سيف الدين تجد هذه الفنون حياة جديدة، حيث يدمج بين التقنيات التقليدية واللمسات الحديثة، ما يجعلها ذات صلة بالعصر الحالي.

وعن أبرز إسهاماته في التراث، أوضح سيف الدين أنه عمل على ترميم المباني الأثرية، حيث تمكن من إعادة الحياة إلى قطع أثرية تضررت بفعل الزمن، وأنه يستخدم في ذلك مواد طبيعية مثل الكومالاكا، وهي نوع من الراتينج الطبيعي التي كانت تستخدم قديماً لحماية الخشب، وذلك بإضافتها إلى المواد التي يستخدمها ليتمكن من الحفاظ على شفافية الخشب وحمايته من عوامل الجو، ما يضمن استمرارية الرسومات والزخارف لفترات أطول.

والفنان سيف الدين ليس مجرد حافظ للتراث، بل هو أيضا مبدع يسعى لتطوير فنه، وذلك من خلال استخدام ألوان مائية تحتوي على أكاسيد معدنية، حيث يستطيع أن يحقق ألواناً غنية ودائمة تحاكي في جودتها الأعمال القديمة كما يعمل على تقديم رسائل ثقافية معاصرة، ما يخلق رابطاً بين الماضي والحاضر، ويجعل من أعماله وثائق تاريخية.

وأوضح أن أعماله ليست فقط زخارف جميلة على الخشب والقيشاني، بل هي أيضاً تجسيد حي لقيم ثقافية ودينية عريقة، وذلك من خلال استخدام عبارات مأخوذة من الكتب السماوية وأقوال مأثورة لعلماء وفقهاء، ما يحول هذا العمل إلى مرجع ثقافي يعكس التنوع والغنى التراثي، مؤكداً أهمية استمرارية الحفاظ على الفنون التقليدية التي تشكل جزءاً من هويتنا وتاريخنا.