ولاد البلد .. قلوبهن على بعض

بقدر ما یكره الناس الحروب وویلاتھا وما تجره من مصائب ومصاعب ولما تتركه من كوارث على الطبیعة والانسان على حد سواء و مجرد ان نسمع كلمة حرب في أي منطقة تنقبض قلوبنا وینتابنا الاحساس بالمرارة والاسى و نبدأ نتخیل ماذا سیحدث بأصحاب ھذه الارض التي تدور رحى الحرب علیھا أناس كثیرین یكرھون الحروب والقتل والضرب ولكن یساھمون فیھا مجبرین مكرھین لأسباب عدة وخاصة اذا كان عدوك من داخل بیتك فستكون المھمة أصعب .
منھم من یتذمر فیقول لك لا أرید الذھاب للقتال كي لا أقتل او قتل أو على كلا الحالتین أمر فظیع ماذا سیحدث ان ذھبت.
ناھیك عن عملیات الھجرة والنزوح التي سوف تتسبب بھا الحروب وما ستلحقه من خراب ودمار في المنازل والممتلكات وغیرھا . ھذا بالنسبة للأمور المادیة . اما الامر الاكثر والاشد خطورة تتمثل في ھدم المجتمع واشاعة الفوضى والانحلال الخلقي حیث تكثر السرقات والقتل والنھب ویصبح كل شيء مباح في ظل ھكذا أوضاع . كما یمكن ان یتفشى العوز الى المادة من اجل العیش الكریم مما قد یضطر البعض الى ممارسة أفعال شنیعة تعود علیھم وعلى المجتمع برمته بالخطیئة والرزینة .

ان النقطة الھامة التي اود الإشارة الیھا في ھذا المقال ان عملیة الھجرة والنزوح بكل ما تحمله بین طیاتھا من ماسي وویلات قد عرفتنا على عادات وتقالید مجتمعات كنا نسمع بھا ولا نعرف عنھا الا القلیل ومن خلال احتكاكنا معھم قد تشكل فیما بیننا علاقات وصداقات اضاءة لنا جانبا من نمط حیاتھم .

و أود ان أتحدث عن شخص أصبح فیما بعد أخا ً و صدیقا ھو وجمیع أفراد عائلته فقد نمت بیني وبینه علاقة أخلاقیة و وجدانیة كادت ان تنسینا كل ما نمر به من ضیق وضغط . ولحسن الحظ أن زوجته قد حملت وأنجبت طفلا في المكان الذي ھجرت إلیه مع أسرتھا . فكنت عندما أسأله اذا كان یوما سوف ینسى الصحبة و المودة فكان یجیبني أنا اذا نسیت فھذا الطفل الذي خلق ھنا لا یمكن ان ینسیني ایاكم كونه سجل في دائرة النفوس التابعة للمنطقة نفسھا وبالرغم من مرور سنوات على عودتھم الى بلدھم في الشمال السوري المحرر الا انھم ما زالوا على نفس القدر من التعلق والحنین الى أھلھم و أخوتھم و أصدقائھم الذین احتضنوھم بكل محبة . ولا زال عندما یكلمني واتكلم معه لا ینادیني الا أخي العزیز .
ملاحظة بكل صدق و أمانة فقد وردتني مكالمة منه و أنا أكتب ھذا المقال

أسعد ابو فرح